في الكلمات الأولى لكتاب علي عمار، نقرأ الفقرة التالية "هذا الكتاب يحكي قصة سقوط معلن مسبقا، إنها النهاية العنيفة لحكم وملكية تأسست في عهد لويس الرابع عشر"، هكذا يبدأ كتاب "أُفُول ملك" الذي سيصدر رسميا في بداية 2014، لحساب دار النشر كالمان ليفي، وعلى امتداد 250 صفحة من صفحاته، يتوقع فيه علي عمار نهاية حكم الملك محمد السادس ومعه الأسرة العلوية.
عبر صفحات الكتاب برمته، يحاول عمار تقديم نبوءاته، مرتديا عباءة العراف، سيما عندما يقول "المفاجأة الكبرى في العالم العربي ستأتينا من المغرب، حيث، وعلى عكس جميع التوقعات، تسير الملكية العلوية نحو الزوال، وبنهاية تراجيدية، ستأخذ البلاد في مطبات لم يتوقعها أحد، ولن تعرف تبعاتها إلا بعد سنين طويلة"، جملة غيبية كهذه من قلم علي عمار، كفيلة بأن تجعل المرء لا يفكر إلا بالهرولة بعيدا عن هذه الشرور التي تنتظرنا، كيف لا، وعلي عمار يستشرق المستقبل، ويرى أن الطاعون والكوليرا سيتحالفان مع الطوفان ضد هذا البلد.
عرفنا عن علي عمار، الكثير من الصفات، وعرفنا معه حيلة كيف تغتني وتصبح من أصحاب الملايين بأسهل الطرق، لكن هذه هي المرة الأولى، التي نكتشف فيها قدرته على لعب دور العراف وقارئ المستقبل، ففي كتابه الكثير من "النبوءات" المصاغة في قالب مسرحي، ولنبدأ بعنوان الكتاب، الذي عنون على شاكلة المسرحيات التراجيدية، كقوله في الفقرة التالية من كتابه "كل الظروف حولنا أضحت حرجة، وضعية سياسية مثيرة للشفقة، اقتصاد متأزم، مجتمع تائه، اصحاب القرار قساة،.. ذلكم هو الواقع المغربي المشرف على الانفجار بعد 15 سنة من حكم محمد السادس". هذه الفقرة بالذات، تجعلنا في حيرة من أمرنا، أين نصنف هذا النوع من الكتابات، هل في خانة التخيل الرديء أم في المسرحيات الفاشلة؟
أمر مثير للتعجب، أن تغيب على شخص يدعي حمله لناصية الكتابة الصحافية، الحجج وسرد الوقائع ولا شيء غير الوقائع، لكن علي عمار غاص في فعله التخييلي. والأكثر إثارة للشفقة، هو عندما يريد استعمال أسلوب الحجاج، فتجده يكتب "سقوط الملكية..ملاحظة ستكون صعبة للتصديق بالنسبة للمتعامين والمغرر بهم"، منذ متى كان التوقع يعتبر ملاحظة؟ لقد زاح علي عمار عن البناء الحجاجي، ولهذا على علي عمار، أن يخبر القراء، أي أسلوب علمي هذا تفتقت به عبقريته وأخرج هذا المسمى "كتابا"؟
قد يمضي القارئ لكتاب علي عمار الدهر كله في البحث عن حجج صادقة حول ما كُتب، لكن سيجد نفسه في آخر المطاف، تائها بين جمل موزعة هنا وهناك، وشهادات لأشخاص تختلط مع رأي صاحب الكتاب. الأفظع، هو عندما لا يستطيع القارئ، إيجاد المراجع الخاصة ببعض ما يسميها عمار "حقائق"، مثال على ذلك: “إذا ما استمر الوضع هكذا، فستكون النهاية سيئة"، هذه الجملة ينسبها علي عمار لمصطفى التراب، مدير المكتب الشريف للفوسفاط، متى وأين قال التراب ذلك؟ حتما لن تجد الجواب، مادام علي عمار، اعتمد على مدرسة النميمة بدل أبجديات الصحافة، ليطالبنا بكل صفاقة تصديق ما يعتقده صوابا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
كما نجد في كتاب علي عمار، جزءا غير يسير من الكذب والبهتان، يقول عمار "المظاهرات مستمرة في كل مدن المملكة، حاملة الجديد، وشعارات "محمد السادس إرحل" أصبح محفوظا عن ظهر قلب".
القارئ لمثل هذه الكلمات، يعتقد أن مدن المملكة، بدأت تغلي دون أن ندري، وأن قوات حفظ النظام في مطاردات متتالية مع المواطنين، وأن الأمهات خائفات على إرسال أبنائهن إلى المدارس.
بحثنا جاهدين في أرشيفات الأنترنيت علنا نجد هذه الشعارات "المحفوظة عن ظهر قلب" والمعادية لمحمد السادس وتطالبه بالرحيل، لكن يبدو أن آذان علي عمار فقط هي من التقطت هذا الشعار، وهو ما يذكرنا بالقدرة الخارقة لهذا الكاتب، على إنجاز روبرتاجات في المغرب بدون أن تطأ قدماه البلاد...لاعجب، فعلي يرى ويسمع من مقر سكناه بسلوفينيا ما نعجز عنه نحن في المغرب !