منذ وصوله إلى الجزائر ظل الطيب رجب أردوغان يؤكد أن هدف زيارته اقتصادي بالدرجة الأولى، مستغلا بذلك غياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فالأتراك لم يخفوا أن طموحهم يتمثل في تدعيم وجودهم الاقتصادي في السوق الجزائرية، وتدعيم مكانتهم شريكا تجاريا، علما أن تركيا تحتل المركز الثامن في مجال التبادل التجاري كزبون للجزائر، كما تحتل المرتبة السابعة كمزود لهذا البلد.
ولعل غياب بوتفليقة عن الساحة السياسة دفع السياسيين بدورهم إلى تجنب الدخول في أي شائك في مباحثاثهم مع الأتراكي، فأعلنت الجزائر عن طموحها في تعزيز علاقات الشراكة في مجال الصناعة النسيجية بالأخص إلى جانب صناعة الحديد والصلب بمناسبة تدشين المصنع التركي العملاق للحديد والصلب بوهران، وإطلاق أشغال وحدة أخرى جديدة.
وأبدى الجزائريون رغبتهم في تقوية الشراكة في مجال البناء والأشغال العمومية من خلال رغبة ملحة للشركات التركية للظفر بمزيد من العقود في هذا الميدان في إطار مشروع إنجاز مليوني سكن في آفاق 2014.
وطبعا لم تخل الزيارة من جانب سياسي، بعيدا عن ملف الصحراء المغربية، إذ شملت المحادثات مع الوزير الأول الجزائري تطور الأوضاع على الساحة السورية والتحضير لعقد مؤتمر جنيف 2 حول سوريا.
وطمعت الجزائر في إثارة ملف جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر ضمن المحادثات، في سياق الجدل القائم بين تركيا وفرنسا حول "مجازر الأرمن”، إذ شن الأتراك حملات ضد مسؤولين فرنسيين منذ إقرار البرلمان الفرنسي قانونا يفرض عقوبة السجن لمن ينكر وقوع "الإبادة" التي يقول الأرمن إن الأتراك اقترفوها بين عامي 1915 و1916، ما أسفر عن مقتل أكثر من مليون ونصف المليون شخص.
تداعيات زيارة أردوغان للجزائر جاءت في سياق تدهور العلاقة بين البلدين بسبب ملف الثورات العربية، وإلى اليوم يعيب سياسيون جزائريون مرتبطون بالموقف الرسمي على أنقرة دعمها لخيارات "التدخل" في بعض بلدان الربيع العربي، وبلغ الخلاف أوجه خلال الثورة الليبية في وقت أبدت فيه الجزائر تحفظات كبيرة على تدخل قوات حلف شمال الأطلسي، لكن كل هذه الخلافات تم تجاوزها تحقيقا للمصلحة الاقتصادية التي غابت في زيارة أردوغان للمغرب.