خصصت الصحف المغربية الصادرة غدا (الأربعاء) تغطيات خاصة للزيارة، فكتبت يومية أخبار اليوم عن كواليس الرحلة، التي اتسمت بتوجيه أردوغان رسائل عتاب إلى المسؤولين المغاربة بسبب تأخرهم في زيارة أنقرة، إضافة إلى تأخر المغرب في إبرام اتفاقية للتعاون العسكري.
وكتبت الجريدة أيضا عن خلفيات مقاطعة الباطرونا للوفد التركي، وقدمت تفسيرين: أولهما التنسيق بين جمعية مغربية تعتبر بمتابة "الجناح المقاولاتي" للعدالة والتنمية، وهي جمعية أمل للمقاولات، وجمعية تركية تدعى "موسياد" التابعة للحزب التركي، لذلك ظهر بنكيران متفهما للباطرونا، أما التفسير الثاني حسب الجريدة دائما، فمفاده أن رجال الأعمال المغاربة متخوفون من مزيد من فتح الباب أمام المقاولات التركية في المغرب التي تتقدم بعروض منخفضة جدا للفوز بالصفقات العمومية.
وفي السياق ذاته، كشفت جريدة المساء عن تصريح للطيب أعيس، رئيس جمعية أمل للمقاولات، يقول فيه "إن الحكومة لم يكن لها أي دخل في تنظيم اللقاء المشترك بين رجال الأعمال المغاربة والأتراك"، مضيفا أن "جمعية أمل تكلفت بتوجيه دعوات إلى رئيس الحكومة وإلى وزير الصناعة والتجارة عبد القادر اعمارة”.
وأضاف المتحدث ذاته "أنه كان من الممكن لنقابة الباطرونا المشاركة في أشغال الاجتماع طالما أنها تملك ملفات ومعطيات كثيرة عن العلاقات التجارية المغربية التركية”.
أما يومية الخبر، فخلصت إلى "المكسب السياسي" من زيارة أردوغان للبلاد، وتمثلت حسب الجريدة في تأكيد الضيف التركي على عدم اعتراف بلاده بالبوليساريو، واستعدادها للوساطة بين المغرب والجزائر، وهو الطرح نفسه الذي ذهبت إليه يومية بيان اليوم التي قالت "إن الرئيس التركي يدعم مسلسل التفاوض لإيجاد حل لنزاع الصحراء”.
وكشف أردوغان في الزيارة ذاتها أن ملك البلاد سيقوم بزيارة إلى تركيا خلال الشهر الأول من السنة المقبلة، كما طالب أيضا بتبسيط مساطر الاستثمار لولوج السوق المغربية.
وخصصت يومية الأحداث المغربية صفحتها الأولى للحديث عن أخطاء بنكيران في تدبير زيارة أدروغان للمغرب، أجملتها في أخطاء بروتوكولية وشكوى رجال الأعمال المغاربة.
عين على الجزائر
انتهت زيارة أردوغان القصيرة، وعرت عن الكثير من الارتباك أثناء استقبال المسؤولين المغاربة لنظرائهم الأتراك، وكحصيلة لهذه الزيارة نجد إنشاء مجلس تعاون استراتيجي عالي المستوى بين البلدين.
ولعل الجميع استوعب أنه لا مجال لتبني النموذج الاقتصادي التركي في المغرب، وأن الحديث عن اقتفاء العدالة والتنمية المغربي لمسار الحزب التركي هو أمر لا يمث للواقع بصلة، فتركيا بنت اقتصادها على أساس صناعة تصديرية قوية، بجودة وتنافسية في تحسن مستمر بالإضافة لأنشطة الخدمات كالبناء والأشغال العمومية، ما يعني أن "جيش رجال الأعمال" الأتراك الذين حلوا في المغرب لا نية لهم في توطين صناعاتها بالدول المغاربية بقدر ما يهمهم غزو أسواق جديدة معتمدين في ذلك على اتفاقية التبادل الحر التي تميل كفتها لصالح الترك.
كما أنه ينبغي الإشارة أن زيارة أردوغان لم تنته نهائيا، فبحلوله في الجزائر يفتح باب جديد لاستطلاع ما ستنتهي زيارته هناك، ومقارنة ما يمكن مقارنته بين المحطتين، ولعل أولى الإشارات التي يمكن التقاطها هي إلغاءه للتأشيرة "الفيزا" للجزائريين الراغبين في دخول الأراضي التركية، في انتظار ما ستفضي إليه اقتصاديا.