لقد كان من نتائج ذلك استدعاء القائم بالأعمال في السفارة الروسية من طرف وزارة الخارجية الإيرانية، والهدف هو إبلاغه الاحتجاج على دعوة البيان إلى إطلاق المحدثات بين البلد المذكور، ودولة الإمارات العربية المتحدة، لإنهاء احتلال إيران الجزر الإماراتية طنب الكبرى وطنب الصغر وأبو موسى.
إن الموقف الإيراني ليس الأول من نوعه، لكنه يؤكد أن الرسالة الروسية الأولى لم تصل إلى سلطات طهران، التي يبدو أن صم الآذان الذي تلجأ إليه من حين إلى آخ صار أبديا.
إن الدولة الشيعية التي تثير القلق في الخليج العربي تكيل بمكيالين، فمن جهة تزعم أنها تدافع عن فئات تدعي أنه تعاني الاحتلال، ومن جانب آخر تناصب العداء للوحدة الترابية للمملكة المغربية.
إن تتشبث طهران باحتلال الجزر الإماراتية سالفة الذكر لا مبرر له، كما أن تبرمها من الشرعية الدولية ليس غريبا، لأنها لا تنصاع إلا تأكد أنه لم يعد أمامها خيار آخر.
إن موقف الدول العربية «هاصة دول الخليج» وروسيا، من القضية واضح، وسبق التعبير عنه قبل انعقاد المنتدى العربي الروسي في مدينة مراكش، طالما أنه سبق لدول الخليج العربي وروسيا أن عبرت عنه في بيان صدر يوم 7 يوليوز الماضي، ما حمل الحاكمين في البلد الشيعي آنذاك على استدعاء السفير الروسي للاحتجاج على بيان مماثل وقعه الطرفان.
ما لا لم تستوعبه إيران هو أن الدول العربية وروسيا دخلت المنتدى في مراكش، وكلها عازمة على فتح صفحة أكثر إشراقا في مجال التعاون، وفتح آفاق أكثر رحابة لمصلحة الطرفين.
لا بد من الإشارة إلى أنه جرت مراعاة مصلحة الدول المشاركة في المنتدى ومن ضمنها طبعا الإمارات العربية انحيازا للشرعية، لكن إيران التي اشتعلت النيران في عباءة قادتها ومنظريها توهمت أنه بإمكانها حمل طرف على التراجع إلى الوراء، وفرض الأمر الواقع.
السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا انتفضت إيران وأبانت عن تعنتها المعهود واحتجت على بيان أكد أهمية أن يكون علاقات التعاون بين الدول العربية وإيران «قائمة على مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية» و«حل الخلاقات بالطرق السلمية وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والامتناع عن استخدام القوة والتهديد بها»؟
الجواب بكل بساطة لأن الدولة الشيعية لا تؤمن لا بالجوار ولا تحترم الشرعية الدولية، والدليل أنها تسمح لنفسها بتسليح وتدريب الخارجين عن القانون، ولعل تعاملها مع عصابة لبوليساريو خير دليل.
إن الدولة الشيعية تعتقد واهمة أن انتهاج أسلوب التقية ينطلي على الجميع، لكن سرعان ما تكشفها الأيام، وهو السبب الذي جعل المغرب يضع حدا للأسلوب الحربائي، ويغلق الباب في وجه طهران.
لا خلاف حول أهمية موقع جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وهذا يسيل لعاب إيران، لكن ادعاء رغبتها في إنهاء ما تتوهم أنه احتلال، وهي تستهدف الوحدة الترابية للمغرب، ينكشف لاستمراها في احتلال الجزر الإماراتية، ويؤكد رسوبها في امتحان تقديم الدليل على ادعاءاتها وهي تعلن عن رفضها الدخول في الحوار مع دولة صاحبة الحق، وتتهرب علنا من الاستجابة للشرعية الدولية.