قبيل عقد مؤتمر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يشن رفاق أحمد الهايج، رئيس الجمعية، حملة لاتهام السلطات بمحاولة نسف موعدهم، لا لشيء سوى لدر الرماد بالعيون، من أجل طمس محاولات النهج الديمقراطي خلف الكواليس، باستمرار وضع اليد على هذه الجمعية وبالأخص على جانبها التمويلي.
مؤتمر شكلي
منذ سنة 2010، وقعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان رهينة بين يدي حزب مجهري يدعى النهج الديمقراطي، ولا أدل على دلك سوى لغة الأرقام.
بحسب المعطيات التي يتوفر عليها Le360، فمن أصل 530 مؤتمر، نجد 57% منتمين إلى النهج، مقابل 28% ينتمون إلى فيدرالية اليسار الديمقراطي، التي تضم في صفوفها: الحزب الاشتراكي الموحد، وحزب الطليعة الديمقراطية، والمؤتمر الوطني الاتحادي. أما ما تبقى فيصنف في خانة "الفعاليات"، التي لا تخرج عن خندق رفاق خديجة الرياضي وعبد الحميد أمين.
وقبيل عقد المؤتمر، أخذ النهج جميع الاحتياطات من أجل تفادي أي مفاجآت غير سارة، حيث بدأ "كولسته" من خلال اختيار رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر. حيث منحت الرئاسة لـ"النواة الصلبة" للنهج، ومن أصل 8 أعضاء يمثلون اللجنة، نجد خمسة منهم ينتمون للنهج وهم: عبد الحميد أمين، عبد الإله بنعبد السلام، أيمن عويدي، خديجة عناني، ثم خديجة الرياضي... أما المسرحية الكبرى، فهي التي ستلعب أثناء المؤتمر من خلال سيناريو مدروس ومعد مسبقا.
حسب المعلومات التي يتوفر عليها Le360، فقد تم إعداد سيناريوهين من أجل أن تظل رئاسة الجمعية لصالح "نهجاوة".
السيناريو الأول قائم على تعديل قوانين الجمعية، لتمكين الرئيس المنتهية ولايته من الاستفادة من ولاية خامسة في المكتب الوطني، وبالتالي يصبح ذا حق في الترشح للرئاسة مجددا. ويعود منصب الكاتب العام في هذه الحالى إلى المحامي الطيب مدماد. وإذا لم يمر هذا التعديل، فهناك سيناريو ثان، يتوقع منح رئاسة الجمعية إلى خديجة عناني.
كل هذا يجعلنا أمام مؤتمر محسوم فيه وديمقراطية واجهة، فلا عجب حينما نرى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تتنصل من مبادئ الديمقراطية، لا لغرض سوى لكعكة التمويلات التي تحصل عليها.
مليون درهم في مهب الريح !
حسب المعطيات التي يتوفر عليها Le360 فإن تمويلات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تأتي أساسا من الخارج، بنسبة 90%، وبلغت هذه التمويلات حدتها إبان الربيع العربي في 2010. أما في 2011 فقد ارتفعت التمويلات خمس مرات ! نعم خمس مرات ! وفي 2012 ارتفعت التمويلات بشكل جنوني بنسبة 2100% مقارنة مع 2010 !
حينما كانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مرغمة بالتصريح بتمويلاتها كما ينص بذلك القانون، امتثلت للأمر لكن بطريقة ملتوية. فالمبالغ المصرحة للمجلس الأعلى للحسابات كانت أكبر من تلك المصرحة للأمانة العامة للحكومة، أي في حدود 13.5 مليون درهم. فأي اختفى الفارق؟ هل تم تمويل النهج؟ أم صحافته؟ وحدهم مسؤولو الحزب لهم الجواب.
أجندة معادية للوحدة الترابية
عودة إلى التمويلات الأجنية، الجميع يعرف أن من يدفع أكثر تكون له الكلمة، وهذا ما يحصل مع "الجمعية"، فهي لا تتوانى في تبني كل "القضايا" المعادية للمصالح العليا للبلد. علما أن لا شيء يجمع المغاربة أكثر من التفافهم حول قضية الصحراء. بيد أن مسؤولي الجمعية اختاروا بمناسبة مؤتمرهم الحادي عشر صيغة ضبابية من أجل تعويض "حق تقرير المصير" الذي يدافع عليه النهج، بعبارة "دمقرطة الصحراء"، وهي صيغة لن تنطلي على أحد بعدما سقطت الأقنعة. ولا أدل على ذلك سوى المؤتمر الثاني للنهج في 2008، حينما تم بث تسجيل صوتي لمحمد عبد العزيز زعيم البوليساريو إلى المؤتمرين.
وفي المؤتمر الثالث للنهج سنة 2012، تحدث البلاغ النهائي في فقرته الخامس عشرة على "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير".
وبخصوص مؤتمر اليوم، علم Le360 أن 60% من المشاركين المنحدرين من الصحراء هم من أتباع البوليساريو ويدعمون الانفصال.
وبربط ما ورد أعلاه بالكعكة التمويلية التي تحصل عليها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومواقفها العدائية تجاه الصحراء، نجد تفسيرا لهذه "العناية الخاصة" التي يوليها النهج لهذه الجمعية، حتى إنه يهتم بها أكثر من الحزب نفسه، وخصوصا صندوقها وتعويضها الحاتمي عن التنقلات والمهام. ونشير إلى أن تكاليف مشاركة مناضلي النهج في المؤتمر مدفوعة من طرف الجمعية أيضا!
ما نتيجة وضع يد النهج على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؟ لاشيء سوى أن الجمعية انزاحت عن مهمتها الأصلية الكامنة في مراقبة احترام حقوق الإنسان. فتحول مناضلوها إلى نشطاء ينظمون ويؤطرون المظاهرات... فيما أضحى حزب النهج عبارة عن قوقعة فارغة.. كما كان دائما، يدين باستمراه في الوجود بفضل إلى تجود به خزينة الجمعية، بعد أن سطى عليها وعلى هويتها منذ سنوات، ويبدو أن الحال سيستمر على ما كان عليه بعد المؤتمر الحادي عشر.