إن الصورة تساهم في تشكيل الوعي المغلوط وتتجلى أهميتها في حياة الأفراد والمجتمعات، من خلال طبيعة وطريقة عرضها، فالصورة تعتبر من المثيرات الحسّية والعقليّة والانفعاليّة للنفوس، فهي تؤثّر في كيانهم واتجاهاتهم.
الصورة منظومة رمزيّة توحي بدلالات عدّة، وتحمل بين طياتها خطابا دالّا، يتحدّد في دائرة العلاقات المتبادلة بين الناشر والقارئ وفي سياق الوضع المحيط بهذه العلاقات.
إنّ هيمنة الصورة في وسائل الدعاية والتواصل الاجتماعي على شتى تفاصيل الحياة باستخدام أرقى الآلات والتكنولوجيات وبتطويع علوم الإنسان والمجتمع، جعل المتنفّذين خلف الشاشات والصحف وغيرها من وسائل الاتصال يبحثون عن كيفية توجيه الرأي العام بالصورة الموضبة والمنتقاة، حيث أصبحت الصورة الفوتوغرافية تشكل عنصرا مؤثرا وفاعلا في وسائل الإعلام. فالصورة تبقى لب الخبر، يتمعن فيها المتلقي ليخرج بانطباعات تجاري الحدث الموصوف في سياق الخبر.
وقد تعزّز هذا العنصر خاصّة بعد أن تمّ إقحام وسائل الاتصال والإعلام واستخدامها في الميدان السياسي، بل أصبحت أحيانا (وسائل الاتصال) محدّدا أساسيّا ورئيسيّا لشكل هذا الميدان ومكوّناته وحاضره ومستقبله، خاصّة إذا تحوّلت الصورة إلى وسيلة للتلاعب بالعقول والأفكار، وتشكيل وعي مغلوط واصطناعي مزيّف، لا يمتّ للحقائق والواقع بصلة، من خلال إخضاع الصورة إلى عمليات التصنيع والتشويه والتحريف.
ومن هنا وجب على الذين يتعاملون مع مادة الصورة، أن يحتاطوا من أجل ألاّ تتحوّل إلى أداة للتضليل والعنف الرمزي.
إن الوعي قد يتعرض لمحاولة تزييف، خاصة في زمننا المعاصر من أجل السيطرة على الوعي الجمعي في سبيل إنتاج وعي مزيف تدعمه بقوة آلة إعلامية رهيبة ووسائل التواصل الاجتماعي ومحترفي الإشاعة، حيث يتلقف الفرد سلسلة من الصور لأجل تزييف الواقع حتى تصل الشعوب إلى حالة من التشكيك، والتي يمكن أن تهدد التماسك الاجتماعي.