الحوار الذي جاء على صفحة كاملة من يومية الأحداث المغربية ليوم غد، بدأ كما كان منتظرا بالاستفسار عما بدر من المجلس العلمي الأعلى، عندما أجاز صراحة قتل المرتد عن الإسلام، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رد بشكل مطول على هذه النازلة معتبرا أن "الكثير مما قيل أو كتب حول هذه المسألة كشف عن إرادة جامحة في حشر علماء المغرب في دائرة التخبط والغموض السائدين في الآراء الدينية في بلدان تشهد قلاقل سياسية”.
وبالعودة قليلا إلى الوراء، نتذكر كيف رد خطيب الجمعة بأحد مساجد المملكة منتصف أبريل الماضي بحضور أمير المؤمنين عن حرية العقيدة والتعبير والرأي، كأنه يرد على رأي المجلس العلمي، التوفيق اعتبر "أن خطبة الجمعة تلك جاءت لتشرح المبدأ الأساسي الذي هو الحرية في الدين، ولكنها في الوقت نفسه تذكر بأن الردة يمكن أن تحارب في سياق تشكل فيه تهديدا جماعيا لكيان الأمة حسب التقدير المتروك لولي الأمر مضيفا أن العلماء من واجبهم الإبقاء على هذا الاحتياط”.
الوزير شرح أيضا كيف جاءت تلك الفتوى، قائلا أن "الأمر يتعلق بجواب عن استفسار من وزارة العدل عام 2009، ولم يكن بمبادرة من المجلس، لأن المجلس ليس من سلوكه أن يناوش القانون أو النظام العام”.
وطرحت الجريدة سؤالا على التوفيق مفاده تقديم قراءة لتزايد خطابات التكفير والكراهية التي مست صحافيين ومثقفين، ليرد بالقول بأن "خطاب العنف والكراهية يأتي من خلفيات متعددة إثنية واجتماعية واقتصادية، وأن هناك حياد في المساجد المغربية وسلامة خطابها”.
وبناء على جواب الوزير، تم سؤاله حول ما إذا كان الجو السائد حاليا يشبه ما قبل 16 ماي من سنة 2013، ليجيب بأنه "لا يفهم معنى هذا السؤال" مكتفيا بالقول بأن "المغرب قطع أشواطا بعيدة في جميع أنواع الإصلاحات”.
الوزارة والمجلس
قبل الخوض في حيثيات أجوبة وزير الأوقاف، لا بد من التركيز على ظروف وشكليات هذه الخرجة الإعلامية، فالحوار أجري على صفحات جريدة الأحداث المغربية، التي ترفع شعار الحداثة، والتي بالصدفة يعتبر رئيس تحريرها من المهدر دمهم سالفا، في القضية المعروفة بتحريض الشيخ النهاري على قتل الغزيوي.
أجوبة الوزير، عكست إلى حد كبير " الإسلام الرسمي المغربي"، بدءا بالانتصار لرد خطيب الجمعة الذي عبر عن حرية العقيدة والرأي في الإسلام، ما يعني أنه تمت اتجاه رسمي يرمي إلى إبعاد الشأن الديني عن كل القلاقل التي قد تجعله مصبا "لترهات السياسة"، وهو ما يزكيه قول الوزير بأن الخطاب الديني في المساجد يميل إلى الحياد.
خرجة أحمد التوفيق، باعتباره المسؤول الثاني عن المؤسسة الدينية في البلاد، جاءت لترسم من جديد العلاقة التي من المفروض أن تجمع بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس العلمي، حيث لا وصاية ولا رقابة للوزارة على هذه المؤسسة العلمية.