ومع توالي السنوات، بدأت تظهر، بين الفينة والأخرى، خلافات داخلية وصلت لدى بعضها إلى حد الطلاق، ولم تسلم إلا بعض الأحزاب من انشقاق تيار عنه، وهذا ما يبين تفشي عقلية الإقصاء عوض الحوار، أو شعار "أنا وبعدي الطوفان" في بعض الأحزاب التي تأكل أبناءها...
مباشرة بعد صدور ظهير الحريات العامة سنة 1958، بادر كل من عبد الكريم الخطيب، والحسن اليوسي، ومبارك البكاي، والمحجوبي أحرضان إلى تأسيس حزب سياسي أطلقوا عليه اسم "الحركة الشعبية" لمواجهة ما سموه "هيمنة الحزب الوحيد"، في إشارة إلى حزب "الاستقلال" آنذاك.
وبعد سنة من حصوله على الرخيص القانوني، شارك الحزب في أول انتخابات جماعية في تاريخ المغرب عام 1960، كما دخل الحكومة التي كان يرأسها الملك محمد الخامس، ثم بعده ولي العهد آنذاك الحسن الثاني، حيث تقلد أحرضان، منصب وزير الدفاع وشغل الخطيب، منصب وزير الشغل ووزير الشؤون الأفريقية.
لكن لم تمر سنوات قليلة، حتى اشتد الخلاف بين قطبي الحركة، الخطيب وأحرضان، وذلك إثر رفض الخطيب قرار الملك الراحل الحسن الثاني إعلان حالة الاستثناء، وحل البرلمان الذي كان يرأسه سنة 1965، بينما أيده أحرضان، فتفرق القياديان، وأسس الخطيب سنة 1967 حزب "الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية"، الذي سيصبح فيما بعد حزب العدالة والتنمية.
بعد سنوات من قيادته للحركة، مستفيدا من دعم القيادات المؤثرة له، أطاح ابن إيموزار مرموشة، امحند العنصر بأحرضان من رئاسة الحزب، وذلك في المؤتمر الاستثنائي للحزب الذي انعقد في شهر أكتوبر سنة 1986.
ويبدو أن الزعيم التاريخي للحركة الشعبية لم يتعايش طويلا مع هذا الواقع الجديد، فأسس حزب "الحركة الوطنية الشعبية" سنة 1991، وما لبث أن أرسى بعضا من قواعده التي كانت تتشكل أساسا من البادية المغربية، خاصة بالمناطق الأمازيغية، حتى انشق عنه إخوان محمود عرشان، الذين أسسوا حزبا أطلقوا عليه اسم "الحركة الديمقراطية الاجتماعية" سنة 1995. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل عرف حزب أحرضان انشقاقا جديدا سنة 2001، قاده هذه المرة، بوعزة يكن، الذي أسس حزب "الاتحاد الديمقراطي".
وبعد هذه الانشقاقات المتتالية التي شتت شمل الحركيين عقودا طويلة، عملت قيادات كل من "الحركة الشعبية" و"الحركة الوطنية الشعبية" و"الاتحاد الديمقراطي" سنة 2006 على توحيد صفوفها في حزب واحد هو "الحركة الشعبية"، وتم اختيار المحجوبي أحرضان رئيسا شرفيا للحزب، وامحند العنصر أمينا عاما، ومحمد الفاضلي، نائبا له.
وظهرت مؤخرا في الحزب "حركة تصحيحية"، كما تسمي نفسها، تنتقد قيادة الحزب، وتتهمها بنهج "سياسة التهميش والإقصاء والاستفراد باتخاذ القرارات"، على حد قول التيار الذي يقوده الوزيران الحركيّان السابقان سعيد أولباشا ومحمد المرابط.