ومع توالي السنوات، بدأت تظهر، بين الفينة والأخرى، خلافات داخلية وصلت لدى بعضها إلى حد الطلاق، ولم تسلم إلا بعض الأحزاب من انشقاق تيار عنه، وهذا ما يبين تفشي عقلية الإقصاء عوض الحوار، أو شعار "أنا وبعدي الطوفان" في بعض الأحزاب التي تأكل أبناءها...
انشقاق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
أعادت الأحداث التي عاشها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال المؤتمر التاسع، موضوع الانشقاق داخل الأحزاب السياسية المغربية إلى الواجهة، فبعد الصراع الذي وقع بين تيار الكاتب الأول الحالي، إدريس لشكر، ورفاق الراحل أحمد الزايدي الذي شكل كمرحلة أولى تيارا داخل الحزب باسم "الانفتاح والديمقراطية"، إلا أن كل محاولات الصلح بين الطرفين فشلت، فوصلت إلى حد القطيعة، ولم يعد هناك أي مجال للتعايش بينهما، فنزلوا من سفينة الحزب "التقدمي"، ليؤسسوا حزبا جديدا ينتظر الولادة، لينضاف إلى عشرات الأحزاب المغربية.
هذا الانشقاق الذي عرفه الحزب لم يكن الأول من نوعه، إذ خرج من رحمه أحزاب عديدة، بل إن "الاتحاد الاشتراكي" للقوات الشعبية بنفسه ولد سنة 1975 من رحم "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية" نتيجة انشقاق شهده حزب الاستقلال سنة 1959 بسبب صراعات سياسية بين التيار المحافظ بقيادة علال الفاسي، والتقدمي بزعامة كل من عبد الرحيم بوعبيد، والمهدي بن بركة، وعبد الله إبراهيم، وعبد الرحمن اليوسفي.
ولم يستطع الصف التقدمي الذي نهجه رفاق بوعبيد الحفاظ على وحدته لأكثر من عقد، إذ انشق عنه التيار الذي يوصف بـ"الراديكالي" بخروج من يوصفون بـ"رفاق الشهداء" في اللجنة الإدارية ليؤسسوا سنة 1983 حزب "الطليعة الديمقراطي الاشتراكي" الذي يقوده عبد الرحمان بن عمرو. لتتبعها انشقاقات متتالية، منها خروج رفاق النقابي نوبير الأموي من الحزب سنة 2001 وتأسيس حزب "المؤتمر الوطني الاتحادي".
وفي السنة نفسها غادر محمد الساسي سفينة الحزب ليؤسس "جمعية الوفاء للديمقراطية" التي اندمجت مع حزب "الاشتراكي الموحد" سنة 2002.
ولم تمر سوى أربع سنوات من هذا الحدث حتى التحق عبد الكريم بنعتيق وعبد المجيد بوزوبع بركب المغادرين، فأسس الأول الحزب العمالي، والثاني الحزب الاشتركي، إلا أن الأخيرين فضلا العودة إلى العائلة الاتحادية بعيد المؤتمر الأخير.