خيانة الجزائر من خلال الأرشيف الفرنسي

Jillali El Adnani.

الجيلالي العدناني

في 10/08/2025 على الساعة 14:15

مقال رأيكانت معاهدة الصداقة المغربية-الجزائرية، الموقعة في يونيو 1972، تعد بالتهدئة بين البلدين. بعد أقل من عام، كشفت أحداث مولاي بوعزة (5 مارس 1973) عن واقع مختلف تماما. وتفصل برقيتان دبلوماسيتان فرنسيتان سريتان عمليات التسلل الليبي-الجزائري و«التساهل النشط» من جانب الجزائر، على خلفية نشأة جبهة البوليساريو.

يوم 15 يونيو 1972، وقع المغرب والجزائر في الرباط «معاهدة الصداقة وحسن الجوار وترسيم الحدود». بدا هذا الإجراء منطقيا: فهو يوسع آفاق التقارب الدبلوماسي الذي بدأ في إفران (1969) وتلمسان (1970). كان الهدف واضحا: حل أخوي لنزاع حدودي موروث عن الاستعمار، والذي أججته حرب الرمال عام 1963. ظاهريا، بدا وكأن الصفحة قد طويت.

بعد أقل من عام، بدأ الوضع يتأزم. في 5 مارس 1973، اليوم التالي لعيد العرش، وقعت أحداث دامية في الأراضي المغربية: بني ملال، وخنيفرة، والراشيدية. استهدفت جبال الأطلس المتوسط -مولاي بوعزة والمدن المجاورة. مجموعات تدعي الانتماء إلى حركة «ثورية»، تستهدف النظام الملكي وسلطته، وعلى نطاق أوسع، الاستقرار الداخلي.

سلطت رسالتان دبلوماسيتان فرنسيتان الضوء على هذا الشرخ. الأولى، رسالة سرية من كلود لوبيل، السفير الفرنسي في الرباط، موجه إلى ميشيل جوبير بتاريخ 22 ماي 1973. والثانية، برقية أرسلها السفير جون ماري سوتو من الجزائر بتاريخ 6 يونيو 1973. ويتفق تشخيصاهما: فبعد ثمانية أشهر فقط من توقيع المعاهدة، تدهورت العلاقات بين الرباط والجزائر بسرعة. والأهم من ذلك، أن هاتين الوثيقتين الحصريتين تشيران بشكل لا لبس فيه إلى المحرضين على أحداث مولاي بوعزة: ليبيا بتواطؤ من الجزائر.

ازدواجية خطاب الجزائر: بين الدبلوماسية الحدودية والنشاط التخريبي

في 22 ماي 1973، حذر السفير الفرنسي في الرباط، كلود لوبيل، ميشال جوبير، قائلا: إن احتفاء الجزائر بالمعاهدة يتعايش مع نشاط تخريبي.

«غير أنه، على ما يبدو، يجب البحث عن الجذور العميقة للصعوبات التي تمر بها حاليا العلاقات المغربية الجزائرية في أحداث مارس الماضي -وهي حوادث تزامنت مع عيد العرش، بين قوات الأمن ومقاتلين قادمين خصوصا من ليبيا ومتسللين عبر الأراضي الجزائرية».

ويضع هذا المقطع جوهر المشكلة: أحداث مارس 1973 تعتبر نقطة تحول في العلاقات بين المغرب والجزائر، غذتها عمليات تسلل مصدرها الجزائر.

«الفكرة، التي يستحيل استبعادها خاصة بعد اعترافات المعتقلين، وهي استفادة هؤلاء المقاتلين من تساهل الجزائر، إن لم يكن تواطؤها، على الأقل على المستوى المحلي، أثارت بطبيعة الحال أزمة ثقة لدى السلطات المغربية، زاد وقعها سوءً كون هذه السلطات كانت، بعد اتفاقات يونيو الماضي، ترى من حقها أن تتوقع من شركائها الجزائريين أقصى درجات التفهم، بل وحتى الود تجاهها».

هنا، يشير لوبيل إلى الخلل السياسي: كان «التساهل» الجزائري كافيا لإفساد روح المعاهدة وزرع بذور انعدام الثقة.

«اعتبر الملك أن الأمر بالغ الخطورة بما يكفي لدفعه إلى إرسال وزير خارجيته على وجه السرعة إلى الجزائر في 12 مارس، مكلفا على الأرجح بعرض الوقائع للرئيس بومدين والمطالبة بتفسيرات».

يكشف هذا المقطع الثالث على رد فعل الملك الفوري: إيصال الإنذار إلى المصدر، إلى أعلى مستوى جزائري.

وهكذا، من توقيع معاهدة عام 1972 إلى أحداث العنف عام 1973، تتكشف استمرارية قسرية: الدبلوماسية ترسم الحدود، لكن «التساهل» سمح لقوات الكوماندوز بتجاوزها. وهكذا، ظلت صيغة «الصداقة» مجرد نص تصر الوقائع على إعادة صياغته.

تأكيد تورط جزائري من السفارة الفرنسية في الجزائر

بعد خمسة عشر يوما من إنذار الرباط، أكد مصدر دبلوماسي ثان هذا التشخيص. في 6 يونيو 1973، أرسل السفير الفرنسي في الجزائر، جون ماري سوتو، برقية إلى عواصم المغرب الكبير. ذكر فيها عمليات التسلل المسلحة في مارس لمجموعات عبرت ليبيا، واستقبلتها الجزائر وأدخلتها بأسلحتها إلى المغرب. كما أكد السفير أن فشل إبرام معاهدة الصداقة والتدهور المتسارع في العلاقات الثنائية يعود إلى أحداث مولاي بوعزة. هذا التقارب في البرقيات الدبلوماسية الفرنسية إلى الرباط والجزائر لا يدع مجالا للشك في الشبهات، إن وجدت، التي تحوم حول بومدين.

«كما يعتقد السيد لوبيل، لا شك أن العلاقات الجزائرية-المغربية تدهورت بشكل ملحوظ منذ تسلل عناصر من ليبيا، وربما حتى من الجزائر، إلى الأراضي المغربية. هذا اعتقادي الراسخ». (2).

لا يكتفي سوتو بتقديم ملاحظة حذرة، بل يؤكد «اعتقاده الراسخ» الوارد في هذه البرقية الرسمية بأن عمليات التسلل تأتي من قنوات مرتبطة بالجزائر، مما ينسجم مع تقييم لوبيل، ويعزز فرضية وجود استراتيجية منسقة.

ترسم البرقيتان معا خطا واضحا: إن لغة «حسن الجوار» (1972) تنقضها، على أرض الواقع، آلية استنزاف مزدوجة: ضغط داخلي من خلال التخريب، وضغط خارجي من خلال القضية الصحراوية. في مرآة المعاهدة، تبدو ثنائية «الأطلس المتوسط/الصحراء» كلوحة استراتيجية معدة لاختبار صلابة المغرب. وهنا تكتمل الدائرة: فكلما وعد نص عام 1972 بالتهدئة، فرضت الوقائع في عام 1973 فكرة التطويق الممنهج، ودبلوماسية الابتسامات المقترنة بالمناورات السرية.

حسابات بومدين: «وضع المغرب في موقف حرج»

في قراءة الجزائر، لا يقتصر الهجوم على الميدان فحسب، بل هو أيضا إيقاع سياسي. يحلل السفير جون ماري سوتو المناورة الجزائرية على النحو التالي:

«ولكن بما أنه (بومدين) لم يكن غافلا تماما عن الوقائع، أعتقد أن المناورة تجاه المغرب كانت هدفه المباشر والأساسي. وهكذا، بعد أيام قليلة من محادثات الكاف (بين بومدين وبورقيبة، في ماي 1973)، صادق بشكل مذهل، في 17 ماي 1973، على اتفاقيات يونيو 1972 بشأن ترسيم الحدود المغربية-الجزائرية واستغلال منجم غار جبيلات (برقية رقم 1276). وبذلك وضع المغرب في موقف حرج في الوقت الذي كانت فيه منظمة الوحدة الإفريقية، شاهدة على الالتزامات التي قطعت في الرباط، تستعد لعقد اجتماعها في أديس أبابا».

المنطق واضح: من جهة، تلمع الجزائر صورتها بإظهار «حسن نيتها المذهل» (التصديق في 17 ماي 1973). ومن جهة أخرى، تسمح بنشوء بؤر للتخريب على طول محور بني ملال-خنيفرة-الراشيدية، أو تسهم فيه، بحسب «اعترافات المعتقلين». تجمع هذه المناورة بين الشرعية الدولية والضغط الإرهابي.

«مغرب كبير بدون مغرب»؟ موارد ليبية وهندسة متغيرة

تربط الوثيقة الدبلوماسية ذاتها هذه الأحداث برؤية جيوسياسية أوسع: إعادة توجيه المشروع المغاربي نحو محور الجزائر-تونس-ليبيا-موريتانيا، والاستفادة من المال الليبي، وتحييد آثار أي اتحاد مصري-ليبي محتمل. المقتطف التالي يرسم المنطق الاقتصادي والأمني:

«من المؤكد أن الرئيس بومدين كانت لديه عدة رهانات في ذلك الوقت، وكان بلا شك يريد بذل كل ما في وسعه لمنع الاتحاد المزمع بين ليبيا ومصر. وكان لا يتردد في القول بأنه لا يريد أن تصبح الحدود الجزائرية والتونسية «ساحة المعركة»، ويود، بدلا من أن تضيع ثروات ليبيا في إعماق مصر، أن تغذي هذه الثروات خزائنه الخاصة وتساعده على جعل الجزائر معقلا صناعيا للمغرب الكبير».

مع ذلك، فإن فرضية «المغرب الكبير ذي الهندسة المتغيرة» –بدون المغرب- تصطدم برفض بورقيبة إقرار صيغة تستبعد الرباط. ومن هنا تأتي العودة إلى أدوات الضغط: إذا كان الاندماج السياسي مستحيلا، يصبح إضعاف الجار تدريجيا هو الخيار البديل.

من مولاي بوعزة إلى الصحراء: الاستمرارية نحو البوليساريو

يشكل سياق مارس وماي 1973 خطا زمنيا متماسكا: مولاي بوعزة، في 5 مارس. الإعلان الرسمي عن تأسيس جبهة البوليساريو، في 10 ماي. ثم التصديق على المعاهدة، في 17 ماي. ثلاثة تواريخ، خيط رابط واحد: «التساهل النشط» من قبل الجزائر مع منظمة هدفها زعزعة استقرار المغرب، بينما لا تزال الواجهة الدبلوماسية تتلألأ بوعود عام 1972.

لم تكن هجمات مولاي بوعزة اندفاعة عنيفة عابرة. فبموقعها داخل مثلث بني ملال-خنيفرة-الراشيدية، تندرج هذه الهجمات ضمن استراتيجية أوسع للضغط وزعزعة الاستقرار، وضعها النظام الجزائري لاختبار الدولة المغربية من الداخل. يكشف توالي الأحداث من معاهدة عام 1972 إلى نشأة جبهة البوليساريو عن آلية لاستغلال الجبهة الداخلية المغربية لخدمة الأهداف الجيوستراتيجية في الصحراء: فتح جبهة ثانية، وتحويل خط المواجهة نحو الصحراء، وإعادة تشكيل المغرب الكبير تحت الهيمنة الجزائرية، على حساب الرباط.

وهكذا أرست سياسة هواري بومدين، التي تتأرجح بين الدبلوماسية الرسمية والمناورات السرية، أسس الأزمات الصحراوية المستقبلية، وتفسر، جزئيا، الانقسام الجيوسياسي الدائم بين الدولتين. بعبارة أخرى، لم تخمد المعاهدة جذوة الصراع: بل غيرت مسرحه. بين المصافحة وتدريب الكوادر الجديدة في تندوف، لا يوجد تناقض، بل استمرارية.

(1) رسالة سرية أرسلها السفير الفرنسي في الرباط، كلود لوبيل، إلى وزير الخارجية، ميشيل جوبير. أرشيف لا كورنوف، شمال إفريقيا، المغرب، الجزائر، موريتانيا، 1972-1982، تحت رقم «2046INVA»، صندوق 897.

(2) برقية أرسلها السفير الفرنسي جون ماري سوتو من الجزائر العاصمة يوم 6 يونيو 1973 إلى سفارات مختلفة في المغرب الكبير. أرشيف لا كورنوف، شمال لإفريقيا، المغرب، الجزائر، موريتانيا، 1972-1982، تحت رقم «2046INVA»، صندوق 897.

تحرير من طرف الجيلالي العدناني
في 10/08/2025 على الساعة 14:15