وقالت الرابطة إن إعداد مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، يأتي في إطار ظرفية معقدة ومتسمة بالضبابية التي فرضتها أزمة ذات أبعاد صحية تتعلق بكوفيد19 وأبعاد بيئية تتعلق بالجفاف غير المسبوق، وأمنية تهم الحرب الأوكرانية، ما أدى إلى تضخم مرتفع ومستمر في كثير من البلدان.
وأوصت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين التابعة لحزب الاستقلال، بالحفاظ على التوجه التصاعدي للسياسة الاقتصادية، معتبرة أن سعر الفائدة قد بلغ السقف المستحمل، وأن أي زيادة إضافية في هذا السعر قد تعيق دينامية الاستثمار الخاص وتهدد العرض والطلب الناتجين عنه، وذلك باعتبار أن التحكم في التضخم غير متناقض مع تسريع النمو، وأن تعافي الطلب المحلي لازال هشا.
وأوصت الرابطة بالعودة إلى نسب مقبولة للتضخم من خلال محاربة ارتفاع أثمنة المواد الغذائية، عن طريق تقوية العرض الفلاحي الموجه للسوق الداخلي، وذلك بتخصيص حصيص من الموارد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع وبدعم الأسمدة لرفع الإنتاجية، واتخاذ إجراءات لمراقبة أكثر نجاعة لسلاسل التوريد والتخزين والتوزيع، مع تسريع إطلاق أسواق الجملة والصرامة في تطبيق قانون المنافسة.
وأكدت الرابطة في توصياتها على ضرورة إنعاش الطلب الداخلي من خلال الصرف السريع للتعويضات العائلية والدعم المباشر، انطلاقا من الدخول المدرسي المقبل، وتدارك مستهدف للقدرة الشرائية للطبقة المتوسطة، مشيرة إلى أن « تنافسية المنتوج المغربي في العديد من المنظومات تشكل هامشا للرفع من تكلفة العمل، الشيء الذي يسمح بإرساء آليات للرفع من أجور الطبقة المتوسطة، غير مقرونة بالحد الأدنى للأجور، بتنسيق وتشاور مع القطاع الخاص ».
كما أوصت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين بالحد من نسبة البطالة، خاصة بالمجال الحضري، باستمرار الدينامية الصناعية، وفي القطاعات الأخرى المنتجة لفرص الشغل المستدامة؛ كالسياحة بمختلف مكوناتها وخدمات الأشخاص وخدمات الرقمنة والتكنولوجيا.. وكذا من خلال إعطاء حيوية جديدة للمحركات التقليدية للنمو، كقطاع السكن والأشغال العمومية.
ودعت الرابطة، ضمن توصياتها، إلى تسريع وتيرة الاستثمار وضمان تمويل قطاع الماء ومكافحة الإجهاد المائي، خاصة إنهاء مشاريع الربط المائي بين الأحواض وإطلاق وتشغيل محطات تحلية المياه وإعادة استخدام المياه العادمة وغيرها.
كما أكدت على أهمية نهج انتقال طاقي أكثر إرادية، عبر تسريع تحرير إنتاج وبيع الطاقات المتجددة، والاستثمار في النقل العمومي المستدام ذو الطاقة الاستيعابية الواسعة خاصة النقل السككي.
كما دعت التوصيات إلى إرساء هندسة جديدة لهيكلة منظومات اقتصادية متنافسة ومتجانسة لجني أكبر ربح اقتصادي واجتماعي من المشاريع الكبرى التي أمر بإطلاقها جلالة الملك محمد السادس.
وفيما يتعلق بالإصلاح الضريبي، شددت الرابطة في توصيتها التاسعة على ضرورة متابعة الإصلاحات الضريبية المتخذة وتطبيقها على المساهمات الاجتماعية، عبر الشروع في توسيع عادل لقاعدة الضرائب والضمان الاجتماعي.
واقترحت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين إطلاق إصلاح المساهمات الاجتماعية من خلال جدول تصاعدي يرفع من سقف مساهمات الضمان الاجتماعي مع تخفيض نسب المساهمات، وضريبة على القيمة المضافة أكثر حيادا وبساطة وأكثر شمولية بما في ذلك تجارة السلع والخدمات عبر الإنترنيت.
كما أشارت إلى أهمية إدخال ضرائب على المخزونات غير المنتجة بما فيها الممتلكات المنقولة وغير المنقولة على غرار الضريبة على الأراضي غير المبينة، ومتابعة آليات الإدماج التدريجي للأنشطة غير المنظمة، فضلا عن اتخاذ إجراءات صارمة ضد الممارسات التجارية غير المصرح بها من طرف الوحدات المنظمة.
وأكدت الرابطة في توصيتها على ضرورة تنويع مصادر تمويل الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية للتمكن من تنفيذ هذه المشاريع، خاصة عبر اللجوء لبعض التمويلات البديلة بما فيها شراكات بين القطاعين العام والخاص مثل جرد واسترداد أرباح أسهم الدولة في المقاولات والمؤسسات العمومية وإعادة تفعيل سياسة الخوصصة وفتح رؤوس أموال المؤسسات العمومية عبر البورصة وغيرها.