وغالبا ما تتميز بانعدام المساواة الاقتصادية والاجتماعية وبالمنافسة العنيفة على الموارد، وتنامي حالة من ازدواجية المسؤولية الأمنية، بحيث تتمتع جهة بسلطة تضاهي الدولة ووجود حالة من عدم الاستقرار السياسي، خاصة على المستوى المؤسسساتي، واستمرار تدهور الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى ازدياد معدلات الفساد..تلك عوامل تشكل نقطة البداية في حلقة الفشل.
ومن علامات الدولة الفاشلة، ذاك الذي تعيشه جارة السوء الجزائر المنهارة التي تعيش إفلاسا قيميا على جميع المستويات... هناك نظام عسكري فاشي يرعى الدجل والخرافة وتبرير الظلم وتجميل القبيح، نظام عسكري يكره النور ويعشق الظلام، حيث يتفنن الدجالون والبياطرة في قلب الحقائق والعبث بالتاريخ، هناك في البلاد الفاشلة يعتلي منصة الوعظ وقلب الحقائق، الدجالون والأفاكون والنصابون وبائعوا الوهم... ولعل صاحب الزمان والمكان ببلاد المارستان، المدعو محمد دومير التقني البيطري، الذي أصبح يفتي في أمور التاريخ، حيث أرسله النظام العسكري الفاشل ليتحدث عن التاريخ أمام الجلسة المخصصة لمناقشة قضية النزاع حول الصحراء المغربية بإحدى اللجان الأممية..!
نعم إن الأمر جد وليس بهزل، تقني بيطري همه الأساسي والوظيفي الاعتناء بالكلاب والبغال والحمير أعزكم الله، يصبح بين عشية وضحاها مفتيا في شؤون التاريخ!
إن علم التاريخ معشر الكراغلة يسلط الضوء على كل الأحداث التي عرفتها الحضارة الإنسانية، ويقوم بدراستها وتحليلها اعتمادا على أسس علمية محايدة بواسطة مؤرخين يسعون لإدراك الماضي وإحيائه.
ونجد أن دراسة التاريخ تساهم في الرفع من مستوى الوعي وتعميقه عند المواطن، لأنه يكون آنذاك في وضعية أفضل لتحديد خياراته المستقبلية والدفاع عن ثوابته وأراضيه.
ونجد أن المتأمل في النزاعات السياسية الدولية الراهنة، مثلا، يجد أن معظمها يتمحور حول «الحقوق التاريخية»، وهنا يكون المؤرخ الأكثر تأهيلا لتوصيف هذه المشاكل القائمة معتمدا على أسس منهجية دقيقة وركائز نقدية في التوثيق والتضمين والتحليل والتعليل والاستنباط والمقارنة، من أجل الوصول إلى نتائج واستنتاجات في إطار تجرد علمي،وهذا ماخفق فيه المدعو محمد دومير،لأن التاريخ عصي على التزييف..
إنكم تعلمون جيدا أنكم تزورون التاريخ، ولا تستطيعون أن تجابهوا الحقائق التاريخية التي ترعبكم، لذا تبحثون عن شرعية مفقودة، وذلك عبر معاداة المغرب حيث أصبح ذلك عقيدة ثابتة لديه.
إقرأ أيضا : بنطلحة يكتب: تبون... والذهاب إلى كانوسا
إن المغرب يرعبكم ويشكل لكم عقدة، نظرا لكونه أمة عريقة ذات تاريخ طويل، بالمقابل لا يمكن الحديث تاريخيا عن أمة جزائرية أو شعب جزائري.
المؤرخ يعطي درسا في جرأة العالم الذي يصدح بكلمة حق انتصارا للدفاع عن الحقائق التاريخية التي تحاول الدولة العميقة في الجزائر التستر عليها وذلك بعدم رغبتها في إخراج الأرشيف الفرنسي إلى العلن، إنهم يحاولون أن
يغتالوا الحقيقة رفقة زمرة من البياطرة، لأن الطابور الخامس يحاول تزييف الأشياء والحقائق، لكن ذاكرة التاريخ لاتمحى ...
ولأن الحمق لا حدود له، فقد أصبحتم تروجون عن طريق أشباه محللين ووعاظ دينيين، أحاديث ملفقة كون الجزائر هي الأرض الموعودة وكون بلد الأربعين مليون شهيد مبشر شعبها بالجنة، لذا لا يجب عليهم التشكي من ضيق العيش في أرض الاختبار..!! بل وصلت بكم الوقاحة حد اختلاق روايات وأكاذيب من قبيل زيارة الملكة فيكتوريا وتبركها من ضريح سيدي عبد الرحمان، وأن شعب الجزائر أقدم سلالة في التاريخ وأنهم سادة الكون والحضارة والنيف الطويل، حتى أن رئيسكم تبون ادعى أمام الملأ أن الرئيس جورج واشنطن الذي توفي عام 1799 أهدى مسدسات للأمير عبد القادر الذي ولد عام 1808..!! ولا غرابة أن نسمع غدا أنهم سيبرمون اتفاقيات عسكرية وتجارية مع كائنات من كواكب أخرى بل إنهم من سلالة تفوق البشر.
إن المجتمعات التي ينتشر فيها الدجالون والنصابون وبائعو صكوك الوطنية والغفران وأشباه المؤرخين... حيث تنهار القيم المثلى، تلك مقدمة للإفلاس.. إن هذا يذكرني بقساوسة بيزنطة الذين باعوا الوهم للشعب ووزعوا صكوك الغفران وباتوا يتجادلون في نقاش عقيم حول جنس الملائكة هل هم ذكور أم إناث، والقسطنطينية على وشك السقوط، محاولين القفز عن الواقع الأليم... وهكذا سجل التاريخ أنهم سقطوا كما ستسقط عصابة الجزائر التي تتوجه بخطى ثابتة إلى الهاوية.. والأيام بيننا...