مصادر موثوقة أكدت أنه بعد أن قدم التعازي بالرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، في وفاة الملك، استقل طائرة خاصة، في ملكية الوليد بن طلال، ليطير إلى مدريد، حيث كان هناك موعد «عشاء عمل» في انتظاره.
وبحسب نفس المصادر فقد تناول «الأمير الأحمر» وجبة العشاء بفندق «ريتز» بمدريد رفقة الصحفي إيغناسيو سمبريرو، والحسين المجذوبي، مدير موقع «أليف بوست»، ووجوه من اليسار الإسباني المتطرف، معروفون بمواقفهم المساندة للبوليساريو".
من دون شك فالأمير الأحمر يطلب خدمات "ما بعد البيع" لمترجم كتابه "الأمير المنبوذ" إلى اللغة الإسبانية، علما أن الصحفي الإسباني المذكور طلب مبلغا يفوق خمس مرات التعريفة المعمول بها في مجال النشر بإسبانيا، لابنته البالغة 23 سنة، والتي وقعت باسمها النسخة الإسبانية من "يوميات أمير منبوذ".
لقد اجتمع اذن سامبريرو والأمير الأحمر بالعاصمة الإسبانية، رفقة تشكيلة من اليساريين المتطرفين المعروفين بمساندتهم للبوليساريو، وكان مطعم "غويا" الراقي بمدريد شاهدا على هذا الاجتماع، إذ سيحاول مولاي هشام مد ضيوفه بمعطيات من أجل فتح النار على المملكة، فيبدو أن الأمير لم يتجرع التحول الإيجابي في العلاقات بين الرباط ومدريد، ولا شيء سيشفي غليله إلا انزياح العلاقات مع إسبانيا عن مسارها الصحيح. هذا ما يحاول الأمير الترويج له في كتابه في نسخته الإسبانية، الذي يوجد منذ اسبوع في المكتبات، ولا يبدو البتة أنه أغرى النقاد الأدبيين في بلاد سيرفانتيس.
البوليساريو والأمير
قبل سنتين نشر مولاي هشام مقالة في المجلة الفرنيسة «Pouvoirs» تحت عنوان «المغرب الآخر»، عبر فيها عن موقف عدائي اتجاه مغربية الصحراء، موقف يخدم مصالح انفصاليي البوليساريو والحكومة الجزائرية. وجاء في مقالته «وبالعودة إلى التاريخ، يبدو لي أن أولى خيوط المشكلة بدأت في التشابك في السنوات الخمس الأولى من عقد السبعينات، امتدادا للعمليتين الانقلابيتين التين نجا منهما الحسن الثاني، قبل أن "ينزع فتيل" الحياة السياسية المغربية ويخمد نارها بفضل ميثاق فاوستي (faustien) يخص الصحراء الغربية. فبمقابل حصول الأمة على أقاليمها الجنوبية، باعت روحها لملكية تروج عنها على سبيل التمويه صورة نظام خالد شاب لا يطاله الهرم والشيخوخة».
وبما أن الأمير الأحمر يعرف ثقل الكلمات ثقل الكلمات ومعانيها. لنتوقف قليلا عند هذا الميثاق الفاوستي « pacte faustien »، الذي يدينه الأمير. «فوست» هو عنوان مسرحية شهيرة كتبها الكاتب الألماني العظيم، غوت. في هذه المسرحية يحدثنا غوت كيف أن رجل علم وبحث، واسمه «فوست»، باع روحه إلى الشيطان بمقابل التمتع بملذات الحياة. عندما نتحدث عن «ميثاق فاوستي»، فإننا نتحدث عن ميثاق يوقعه شخص مع الشيطان. المعنى واضح : مولاي هشام يعتبر الملكية المغربية شيطان وقعت معه الأمة ميثاقا لاستعادة الصحراء.
منذ متى كانت الصحراء مقرونة بالغنى والرخاء والمتعة؟ وهي أرض الحرب التي سقط فيها الكثير من الرجال وسالت فيها الكثير من الدماء. الصحراء هي عكس ما دفع «فوست» لبيع روحه إلى الشيطان، لأنها لم تكن يوما مجالا للمتعة والترف.
مولاي هشام يتابع في مقالته: «الصحراء الغربية شكلت الفضاء الذي تكلست في رماله الحياة السياسية المغربية». هذه الفكرة التي تقول إن المغرب خلق ملف الصحراء لصرف المغاربة عن المشاكل الحقيقية هي الفكرة نفسها التي تكررها الحكومة الجزائرية والبوليساريو. مولاي هشام لم يقدم أي تحليل جديد وهو يقدم على تكريرها فقط. لقاء أمس بمدريد هو فقط تتمة لعمل كان قد دشنه الأمير قبل سنتين.