لم يكن حميد شباط يظن أن فاتح ماي سيكون له مابعده، فأولا صعد زعماء الأغلبية من لهجتهم تجاهه، وثانيا بدأت الألسن تلوك خبر فاتورة خيالية لاحتفالات فاتح ماي، فكم كلفت مسيرة عيد الشغل نقابة الاستقلال ؟ طيلة حملة التعبئة التي قام بها الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، كان الجميع يمني النفس بخرجة يفوق تعدادها المائة ألف شخص، من أجل ذلك، تم تجنيد كل الطاقات اللوجيستيكية لحزب الاستقلال، وذراعها النقابي، والروابط المهنية التابعة للحزب، إلى جانب برلمانيي الحزب، ثم رجال الأعمال المحسوبين على الصف الاستقلالي.
مر فاتح ماي، وقدرت جهات محايدة حجم حضور مسيرة شارع النصر في حدود بضع ألاف، بينما قدرت نقابة شباط العدد في أكثر من ذلك، في مائة ألف، هذا التضارب في الأرقام تفسره النقابة في بعض العشوائية التي طبعت المسيرة، فمسيرة شارع النصر لم تكن إلا امتدادا لمسيرة أضخم لم تنظم بالشكل المطلوب لتصل إلى منصب الخطابة.
تعبئة غير مسبوقة
وعلم Le360 أن كلفة فاتح ماي على نقابة الاتحاد العام للشغالين المغاربة، قدرت في حدود أزيد من مليار و500 مليون سنتيم، وقد دفع القسط الأكبر منها بعض رجال الأعمال على رأسهم عادل الدويري، وحمدي ولد الرشيد، رقم ضخم ويثير الدهشة، لكن الدهشة ستزول عند جرد تفاصيل هذا الرقم الفلكي. يعكس عدد الحافلات التي حضرت إلى الرباط في فاتح ماي، حجم المبالغ المرصودة، حيث تم حشد مئات الحافلات بما يكفي لنقل مائتي ألف مشارك، أغلبهم من خارج الرباط، مع تسجيل حضور مهم لممثلي الأقاليم الجنوبية، تضاف إليهم كلفة المبيت في فنادق الرباط، مع توزيع ألاف القبعات والأقمصة والمطبوعات، ثم توزيع مبالغ على المشاركين تتراوح بين 100 و200 درهم، إلى جانب تعويضات الأكل "السخية" لممثلي المناطق البعيدة. تفصيل فاتورة المليار ونصف، تبقى تقريبية، تضيف المصادر ذاتها، على اعتبار أن بعض المحسوبين على النقابة في المناطق خارج الرباط، اشترطوا دعما ماليا لحشد الحضور. لكن من تكفل بأداء الفاتورة؟
يقول محمد لعبيد أمين مال الاتحاد العام للشغالين في المغرب في تصريحه لـLe360، أن النقابة لم تتكفل بكل المصاريف، ولم يؤكد لعبيد المبلغ المذكور، وفي الآن نفسه لم ينفه، إذ عبر قائلا "من الصعب تحديد فاتورة المسيرة، بالفعل كلفت مبالغ مهمة على اعتبار حجمها، لكن من تحمل الجزء الأكبر من المصاريف هو المنظمات الموازية للنقابة، وروابط المهندسين والصيادلة والأطباء، ورجال الأعمال التابعين لحزب الاستقلال".
وأكد لعبيد أنه كانت هناك تعبئة منقطعة النظير لفاتح ماي، وما خفف من الفاتورة أن بعض الحافلات التي نقلت المشاركين ينتمي أصحابها لروابط مهنية تابعة لنقابة الاستقلال، وهو ما لم يكن عليه الأمر سابقا، عندما كان المفتشون الجهوية يتكلفون بحشد المشاركين. وعن المبالغ التي صرفتها النقابة، قال لعبيد، "إنه باعتباره أمينا عاما لها، فلم ينته من جرد المصروفات بعد، مجملا المصاريف في المطبوعات التي تجاوز عددها 50 ألف، إضافة إلى القبعات والأقمصة، ثم أداء فاتورة الفنادق للمشاركين القادمين من مناطق بعيدة، مع "مساعدة" بعض المشاركين ماديا، ممن تجشموا عناء الترحال”.
واعتبر لعبيد أن مسيرة هذا العام كانت استثنائية في كل شيء، "فالمسيرة السابقة كلفت صندوق النقابة واحزب صفر درهم، لكن الوحدة والتعبئة الاستثنائية لمسيرة هذه السنة، كان لا بد لها من مقاب".ولم يود المتحدث الإفصاح عن حجم مساهمات رجال الأعمال الاستقلاليين، مبديا واجب التحفظ، " مساهمة الروابط المهنية ورجال الأعمال كانت من صميم انتمائهم للحزب فلا مجال للكشف عنها" يختم لعبيد.