حينما خرج حزب الاستقلال من الحكومة ذات ماي من العام الماضي، لم يتوقع كثيرون استوزار أسماء مغمورة في وزارات منتدبة، حتى بلغ عدد أفراد الحكومة 39 وزيرا بعد التحاق التجمع الوطني الأحرار.
دخول حمامة الأحرار للحكومة كان بشروط، ولأنه الحزب كان في موقف قوة فقد انتزع لنفسه أكثر الوزارات أهمية، بينما عهدت أخرى لوزراء تقنوقراط، بشكل جعل عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة أمام خيار إبعاد وزرائه في الحزب والتحالف الحكومي أو منحهم وزارات "صغرى" أو "ملحقات"، فكانت النتيجة، استماثة بعض أعضاء الحكومة في الحفاظ على الحقائب الوزارية حتى لو لم تكن الاخيرة من صلب تخصصهم، فكانت النتيجة كما يعرفها الجميع.
ولا يستبعد أحمد البوز، أستاذ العلوم السياسية بكلية السويس بالرباط، إحداث تعديل حكومي، مع إقحام الأصالة والمعاصرة في الحكومة!
التوقع الذي قام به هذا الباحث في العلوم السياسية لا يربطه بما حدث لمحمد أوزين، بعد تجميد مهامه في مونديال الأندية بقرار ملكي، ولا حتى بالوفاة التراجيدية لوزير الدولة عبد الله بها، حيث يقول في تصريح لـLe360 "وفاة بها لا تطرح أي مشكل في ضمان سير الحكومة، فالراحل لم يكن مشرفا على أي قطاع حساس، وبالتالي فلا شيء يجبر رئيس الحكومة على تعويضه"، أما فيما يخص وزير الشباب والرياضة محمد أوزين فيقول البوز: "الدستور الجديد يمنح الحق الكامل للملك محمد السادس لإقالة الوزير إذا ما تبثت مسؤوليته السياسية في ما حدث لملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط".
ويؤكد البوز أن "ثمة أصوات داخل العدالة والتنمية بدأت تنادي بالتحالف مع الأصالة والمعاصرة، مذكرا بدعوة وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك عزيز الرباح لانخراط حزب مصطفى البكوري في الحكومة".
ويدعم المتحدث توقعه السياسي عبر التذكير "بميل حزب الأصالة والمعاصرة، أخيرا نحو "تطبيع" العلاقات مع الحزب الذي يقود الحكومة، وتراجع حدة النقد من لدن حزب الجرار عبر معارضته في البرلمان تجاه العدالة والتنمية، إلى جانب أن الحزب لم ينخرط في حملات باقي أحزاب المعارضة (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب الاستقلال) ضد العدالة والتنمية، ما يفتح الباب أما احتمال دخول الأصالة والمعاصرة إلى الحكومة الحالية" يخلص البوز.
أما عمر العلوي، أستاذ العلوم السياسية، فيذهب إلى الحد الذي يتوقع أن تذهب فيه أسماء وزارية في التعديل الوزاري المرتقب، مركزا على أسماء بعينها لم تقدم الإضافة المرجوة منها في مناصبها الوزارة، إلى جانب أسماء ستغير لأسباب أو لأخرى.
عبد الله بها.. من يعوض الفقيد؟
لو جعل الدستور لرئيس الحكومة نائبا، لكان المنصب دون شك للراحل بها، فقد فضل بنكيران عدم استوزار رفيق دربه بل جعله نائبا أول في الحزب ووزير دولة في الحكومة، كي يكون بالقرب منه في شؤون الحزب والحكومة معا. ويرى الباحث عمر العلوي أنه على الرغم من رمزية المنصب إلا أن هذا لا يمنع من اختيار بديل له في التعديل الحكومي المرتقب.
محمد أوزين.. "زاد العشب بلة"
رغم أن ما حدث خلال مباراة ربع نهائي مونديال الأندية، بين كروز أزول المكسيكي وسيدني الأسترالي، لا يجد له وصفا إلا "الفضيحة"، فإن محمد أوزين "زاد العشب بلة" عندما لم يتوان في مهاجمة جميع ما انتقد أرضية ملعب الامير مولاي عبد الله.
في نونبر الماضي، وقبل نهائي كأس العرش بين الفتح الرباطي ونهضة بركان، نبه العديد من المتتبعين محمد أوزين لوضعية أرضية الملعب، الذي صرفت عليه 22 مليار سنتيم من أجل تحديثه، غير أن الوزير اختيار سلاح الهجوم، فوصل بـ"الطابور الخامس" كل من انتقد أرضية الملعب، بيد أنه من سوء حظه، أن الطبيعة "تحالفت" ضده، فهطلت بضع ميلمترات من الأمطار، فكانت تلك القطرات أقسى من أي لجنة تفتيش.. وبقية الحكاية تعرفونها!
حاليا، لا ينتظر الوزير أوزين إلا الإعلان الرسمي عن تحقيق اللجنة البيوزراية حول صفقة تعشيب الملعب، إذ يرتقب أن يحزم الوزير حقائبه، معلنا عن شغور منصب وزير الشباب والرياضة.
بوهدود.. "الوزير الشبح"
إذا كان من استطلاع حول معرفة المغاربة بوزراء حكومتهم، فبالتأكيد لن يعرف السواد الأعظم من المستجوبين اسم مامون بوهدود، الذي يحمل حقيبة وزارية عنوانها الكامل "الوزارة المنتدبة لدى وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المكلف بالمقاولات الصغرى وإدماج القطاع غير المنظم".
سيكون البحث عن تقييم لحصيلة هذا الوزير الشاب، ببساطة لأنه منذ تعيينه لم يظهر في أي نشاط باستثناء تصريح مقتضب باللغة الفرنسية حول القمة الإفريقية الأمريكية، عدا ذلك، فلم يقم بوهدود بشيء ليحاسب عليه، هذا "اللاشيء" سيكون ذريعة كافية لأن يكون من ضمن الأسماء المرشحة للخروج في التعديل الوزاري المرتقب.
لحسن حداد.. وزير "الراحة والسياحة"
رغم إطلاق رؤية 2020 الخاصة باستقطاب 20 مليون سائح للمملكة، غير أن وزارة السياحة المغربية، لا تزال تسير بسرعة رؤية 2010، فجميع المؤشرات الخاصة بملء الفنادق، وتوسيع الطاقة الاستعابية للفنادق، تؤكد أن مخطط جلب 20 مليون سائح في أفق 2020 سيكون حلما بعيد المنال، إذا ما استكمر الحال على ما هو عليه، إذ رغم تضرر الوجهات العربية المنافسة بفعل "الربيع العربي"، فلم يفلح المغرب في استغلال الفرصة على أكمل وجه.
وفي هذا السياق يرى عمر العلوي أن "الحركة الشعبية، الذي كان أكبر متضرر في التعديل الحكومي السابق، بنيله لوزارات "صغيرة" رغم أنه يتوفر على فريق برلماني تعداه 33 نائبا، سيسير على النهج نفسه في التعديل الوزاري المرتقب، بفضل ارتباط اسم أوزين "بفضيحة المونديالتيو" وحصيلة حداد "المتواضعة"”.
عبد العظيم الكروج.. الشوكولاتة المرة
عطفا على تأكيد عمر العلوي، حول "اللعنة التي تلاحق وزراء الحركة الشعبية" فإن هذا الطرح سيتأكد مع عبد العظيم الكروج، الوزير المنتدب لدى وزير التربية الوطنية المكلف بالتكوين المهني، الذي ارتبط اسمه بـ"فضيحة الشوكولاتة"، حينما اقتنى الوزير الشاب شوكلاتة وحلويات بأزيد من ثلاثة ملايين سنتيم على حساب خزينة الدولة، بحثا عن "رضا الأم" التي أمنت النفس في الاحتفال بالمولودة الجديدة للوزير، فكانت النتيجة هي "سخط الشعب"، وارتباط اسم الكروج بقضية الشكولاتة أكثر من ارتباطه بمجال التكوين المهني.
محمد مبديع.. حكاية "روبي و الوزير العروبي"
ولئن كان عبد العظيم الكروج، قد انتقل في التعديل الحكومي السابق من وزارة الوظيفة العمومية إلى حقيبة التكوين المهني، فإنه ترك لزميله في الحزب محمد مبديع حقيبة الوظيفو العمومية، ومعها "لعنة الفضائح" التي قد تعصف بابن الفقيه بنصالح في التعديل الحكومي المقبل.
لم يكن يدري مبديع أن تصريحا صحفيا قد يجر عليه الويلات، فقبل سنة ونيف، صرح هذا الوزير لجريدة الأخبار أن "المغربية كريمة المحروق، المعروفة باسم "روبي" لم تكن قاصرا حينما حلة ضيفة على سرير رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني".
هذا التصريح، حرك الإعلام الإيطالي، الذي يعشق مثل هذه القضايا التي تجنمع فيها بهارات الإثارة من جنس وسياسة، فكانت النتيجة أن مبديع ورط الخارجية المغربية حينما قال "اتصلوا بي من القنصلية المغربية من ميلانو، وطلبوا مني إرسال وثائق صحيحة ونسخة من سجل الحالة المدنية، فأرسلتها لهم عبر الحقيبة الدبلوماسية حتى لا تتعرض للتزوير". مبديع يبدو الآن بين مطرقة الموظفين الاشباح وسندان الإقالة الذي يتربص به بين كل حين.
حكيمة الحيطي.. “صدقة في المقربين"
لأن المصائب لا تأتي فرادى، فقدر حزب الحركة الشعبية، أن ترتبط أسماء وزرائها بالفضائح، وهذه المرة، مع حكيمة الحيطي الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالبيئة، التي ما إن حازت منصبها حتى فجر برلماني من الأغلبية ينتمي إلى فريق العدالة والتنمية عن مكاتب دراسات تستحوذ على كل الصفقات الخاصة بالوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة، ملمحا أن "أحد هذه المكاتب كان محسوبا على الحيطي قبل أن تتخلص منه".
يحدث هذا في التحالف الحكومي، إذ لا يتوان فيه بعض النواب عن مهاجمة زملائهم في الأغلبية.
القصة لم تنته هنا، وقد تكون الحيطي أحد المغضوبين عليهم في التعديل الحكومي.
سمية بنخلدون.. الإضافة الغائبة
من بين الأسماء التي ظلت لمستها شبه غائبة عن الحكومة، نجد اسم سمية بنخلدون الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، إذ ظلت "مستترة" في ظل الوزير لحسن الداودي، دون أن تكون لها حصيلة قابلة للتقييم.
ويصف عمر العلوي تعيين الوزيرات في التعديل الحكومي السابق "بأنه كان لتجاوز خطأ غياب النساء الوزيرات في النسخة الأولى من الحكومة، فوزعت بعض الحقائب الوزارية الثانوية، على بعض الوزيرات، لرفع عددهن إلى ستة".
ورغم توفر جميع المؤشرات حول تعديل وزاري مرتقب، إلا أن أجرأته لن تتم قبل وضع نقطة النهاية في مسلسل "فضيحة أوزين"، وهو ما قد يجر معه أسماء وزارية أخرى، في ثاني تعديل حكومي لحكومة بنكيران.