بعد الجدل وشد الحبل والوصول إلى الباب المسدود عادت الحكومة والنقابات إلى طاولة الحوار، وساهمت دعوة رئيس الحكومة للنقابات إلى الحوار الذي جرى يوم الاثنين 27 نونبر الماضي، في تجاوز الوضع المحرج نسبيا، خصوصا أن الاجتماع أسفر عن تجميد النظام الأساسي، الذي كان بمثابة النقطة التي أفاضت كأس الاحتجاجات، وقلبت كثيرا من المواجع.
يبدو الوضع اليوم أفضل ظاهريا، إذ كانت تصريحات رئيس الحكومة وممثلي النقابات توحي بالوصول إلى شط الأمان، وبعثت رسائل اطمئنان، لكن تشبث التنسيقيات بمطلب سحب النظام الأساسي ومطالب أخرى أعاد الزورق في اليوم الموالي إلى النبع.
لم تفتح المدارس في وجه التلاميذ وفق « رزنامة » الإضراب حتى يوم الجمعة فاتح دجنبر، جريا على العادة ومنذ انطلاق الإضرابات بالتحديد أصبح ذهاب التلاميذ إلى المدارس مظاهر إضافيا إلى المظاهر التي تميز يوم الجمعة.
إشراك التنسيقيات
نحن الآن في عطلة، لكن لا داعي للسفر، لأن تلاميذ المدارس العمومية مدعوون لتدارك ما فات، لكن ما السبيل إلى استدامة الهدنة وجعلها طبيعية لا اضطرارية؟
تحدثت بعض المصادر عن حضور التنسيقيات في اجتماع رئيس الحكومة مع النقابات يوم الاثنين الماضي، كانت حضورها يقتصر على ذكرها في النقاشات والأحاديث وليس عبر ممثلين.
الفتوى الحكومية لحل إشكال حضورها (التنسيقيات) هو إدماجها من خلال النقابات، لأنها لا تتوفر على الصفة القانونية لتكون حاضرة بالاسم، وهنا يمكن القول « إن الحكومة رمت كرة التنسيقيات في ملعب النقابات فحسب ما توصلنا فإنه جرى نصح النقابات بفتح قنوات الحوار مع أعضاء التنسيقيات ودعوتها للمشاركة في الحوار تحت مظلاتها.
وحسب ما توصلنا به من أخبار فإن ممثلي بعض التنسيقيات فتحوا باب الحوار مع النقابات، وهو ما سيأتي معنا لاحقا في تصريح يونس فراشين، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.
خارطة الطريق
يرى يونس فراشين، أن خارطة الطريق للخروج من المأزق بعث إشارات مطمئنة لرجال ونساء التعليم، وقال متحدثا لـ le360 « الرسائل المطمئنة يجب أن تركز على القضايا الأساسية مثل تجميد النظام الأساسي من أجل رفع الضرر، والزيادة في الأجور، والاستجابة للمطالب، خلاصة القول ينبغي تقديم ضمانات لرجال ونساء التعليم لبناء الثقة من جديد لأنها تبنى ببطء وبتجميع كميات تشبه قطرات وتهدم بسرعة ».
« هناك تنسيقيات تثق في الحوار وتحدثت معنا بعد استئناف الحوار مع الحكومة لتكون على بينة من الأمر، وأبدت تفاؤلها، وهناك تنسيقيات مازال لديها شك وينبغي بذل مزيد من الجهود للتواصل.
بكل صراحة التدبير التواصلي للوزارة وأيضا الحكومة لم يكن في مستوى التطلعات ».
وأكد فراشين أن الاجتماعات تسير في اتجاه مطمئن معبرا عن أمله في أن يساهم الاجتماع المقبل والمنتظر يوم الأربعاء المقبل في تحقيق مزيد من الارتياح، ليستأنف الموسم الدراسي وتأخذ كل الأمور مجراها الطبيعي.
تذويب الجليد
واعتبرت عدة فعاليات أن ما جرى التوصل إليه إلى حدود يوم الخميس أذاب جليد الخلاف بنسبة مائوية كبيرة، إذ ترى الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، أنه جرت الاستجابة لكل المطالب التي جرى التعبير عنها سابقا، وتحث رئيسها نورالدين العكوري عن « تجميد النظام الأساسي وهذا مهم جدا، وقد جرى تلافي السحب اعتبارا لوضعية الأطر التعليمية التي ستتقاعد سنة 2024 والمقدر عددها بـ1400، لأنه في حال السحب سنكون في حاجة إلى مرسم جديد وفي هذا إهدار لحقوق هذه الفئة ».
ويرى العكوري أن اجتماع السادس من دجنبر سيتطرق لوضعية نساء ورجال التعليم، وباقي الملفات العالقة.
وأكد أن « عدم تجميد التوظيف طبيعي جدا لأن من سيجري توظيفهم سيدون بعض الخصاص، ويقلصون أزمة الخصاص في ما يخص الموارد البشرية ».
وأشار رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأولياء التلاميذ أن « من شأن إلغاء الاقتطاع من أجور المضربين خلال شهر نونبر أن يعيد الثقة ويرأب الصدع »، معبرا عن تفاؤله بالمستقبل لأنه حسب تصريحه جرى التجاوب مع المطالب والأمور تتجه نحو الحل.
قيد الاتفاق قبل مناقشة قانون المالية
كان وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أكد بعد الاجتماع المنعقد الخميس بين اللجنة الوزارية التي يرأسها وتتكون أيضا من الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع، ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل، يونس السكوري، والنقابات تعليمية الأكثر تمثيلية الموقعة على اتفاق 14 يناير 2023، مواصلة الحوار في الأسبوع المقبل بعد الاتفاق على تفعيل كل القرارات المتخذة في اجتماع الاثنين الماضي تحت رئاسة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، لافتا إلى ضرورة توصل الحكومة والنقابات إلى اتفاق بخصوص الوضعية المالية لأطر التعليم قبل المصادقة على مشروع قانون المالية الحالي لتفعيل ما يجري الاتفاق بشأنه اعتبارا من بداية العام المقبل.
،