كيف تحولت سانتا كروز دي مار بيكينيا إلى إفني؟

Jillali El Adnani.

الجيلالي العدناني

في 15/06/2025 على الساعة 21:32

مقال رأيلا يطابق ميناء سانتا كروز دي مار بيكينيا التاريخي (Santa-Cruz de Mar Pequeña)، الواقع بالقرب من أخفنير الحالية في إقليم طرفاية، موقع إفني بأي شكل من الأشكال. ومع ذلك، ابتداء من عام 1883، بدأ الخلط بين الموقعين في الخطاب الدبلوماسي. ويمكن تفسير هذا الانزياح الجغرافي برغبة إسبانيا في ترسيخ وجود ساحلي، ليس حيث كان المركز التجاري السابق الذي يعود إلى القرن الخامس عشر، بل في موقع سهل الولوج ويعتبر من الناحية الاستراتيجية أكثر ملاءمة: مرفأ إفني.

ورغم احتجاجات المغرب، ورغم الاعتراضات المتكررة من سلاطين المغرب، بدءً من السلطان محمد الرابع، الذي قبل مكرها البند المتعلق بسانتا كروز 1860، اعتمدت الحكومة الإسبانية على تأويل موسع للمعاهدة. رفضت إسبانيا بويرتو كانسادو، الواقع في المنطقة المعروفة باسم أخفنير، جنوب طرفاية، وهو موقع يصعب الوصول إليه وغير آمن، وفرضت تدريجيا فكرة أن إفني تمثل قانونيا وسياسيا استمرارا لسانتا كروز دي مار بيكينيا.

1934: احتلال عسكري وفرض تحول تاريخي

أصبح هذا الاستبدال رسميا في عام 1934، أثناء احتلال إفني، عندما أكدت مدريد سيادتها المباشرة على هذه المنطقة، مقدمةً إياها ليس كمستعمرة، بل كجزء لا يتجزأ من إسبانيا. احتفظت مدريد بتسمية سانتا كروز آنذاك لأسباب تاريخية وقانونية، لكنها تخلت عنها عمليا لصالح اسم إفني، الذي اختير لأسباب عملية وسياسية.

يوم 6 أبريل 1934، أعاد احتلال القوات الإسبانية لإفني اسم سانتا كروز دي مار بيكينيا، الواقعة بجوار طرفاية وليس بإفني، إلى الواجهة، والتي كانت إسبانيا تطمع في ضمها. كان هذا الالتباس، الذي غذته الأوساط السياسية والصحافة، جزءً من رغبة في إضفاء الشرعية على التدخل من خلال التذرع بالمعاهدة الإسبانية المغربية المؤرخة في 26 أبريل 1860. من خلال هذه المعاهدة، ادعت إسبانيا ممارسة حق قديم على إقليم تعرفه الآن باسم إفني، على الرغم من أنه لا يتوافق بأي حال من الأحوال مع الموقع الأصلي.

تعود جذور هذه الاستمرارية المزعومة إلى تاريخ القرن الخامس عشر، عندما أنشأ دييغو غارسيا دي هيريرا (Diego Garcia de Herrera)، حاكم جزر الكناري، حصنا في مار بيكينيا وأطلق عليه اسم سانتا كروز. ومع ذلك، فقد التحديد الدقيق لهذا الحصن على مر القرون. ومنذ ذلك الحين، اختارت إسبانيا، لأسباب استراتيجية، أن تجعل من إفني المكان السياسي والرمزي لسانتا كروز.

لم تكن الأدبيات الغنية المخصصة لهذه المسألة منذ سبعينيات القرن التاسع عشر كافية لتوضيح هذه النقطة التاريخية بشكل قاطع. فقد ركز العديد من المؤلفين عليها ليس لإعادة إثبات الوقائع، بل لتقديم حجج تدعم السياسة الاستعمارية الإسبانية.

تاريخ التنازل عن إقليم تحت الإكراه

بحسب العقيدة الإسبانية الرسمية، فإن إفني ليست مستعمرة ولا محمية: تمارس إسبانيا حق السيادة الكاملة عليها، المنصوص عليه في معاهدة تطوان المؤرخة في 25 ماي 1860، وبشكل أكثر دقة في المادة 8 منها، وهي المعاهدة التي فرضت على المغرب عقب الحرب الإسبانية المغربية. سمح هذا الأساس القانوني لإسبانيا بالمطالبة بإفني كملكية لها، ثم حولت لاحقا إلى إقليم.

بين عامي 1860 و1883، حاول السلاطين المغاربة، مولاي محمد الرابع ثم مولاي الحسن، دون جدوى، استعادة سانتا كروز دي مار بيكينيا، على غرار استعادة الإنجليزي ماكنزي لطرفاية، مقابل تعويض مالي. لكن مدريد رفضت أي تسوية، وفي عام 1883، نجحت في إقناع المغرب، الذي كان حينها ضعيفا، بالاعتراف بأن إفني هي نفسها سانتا كروز. صادقت مذكرة شفوية مؤرخة في 20 أكتوبر 1883 على هذا الاعتراف المغربي، مؤكدة أن إفني هي «الموقع الحقيقي» للثغر الإسباني.

وقد تم تأكيد ترسيم الحدود الترابية في المادة 3 من المعاهدة الفرنسية الإسبانية المؤرخة في 27 نونبر 1912، وهي معاهدة اعترف المغرب المستقل لاحقا بها. إلا أن هذا الاعتراف ظل نظريا حتى عام 1934. ولم تحتل إسبانيا المنطقة عسكريا إلا في أبريل من ذلك العام، بقيادة الجنرال كاباز (Capaz)، الذي أنزل في ليني أمداغ (Lini Amedag)، وهي بلدة مجهولة تقع بالقرب من إفني. وشكلت هذه العملية بداية سيطرة إسبانيا الفعلية على إفني.

بحثا عن سانتا كروز: حملات وتزوير، وتحكيم دبلوماسي

على الرغم من حصول إسبانيا على حق في إقليم يقع بالقرب من سانتا كروز دي مار بيكينا السابقة بموجب معاهدة عام 1860، إلا أنها كانت بطيئة في تأكيد تطبيقها الفعلي. ولم تتحرك الحكومة الإسبانية إلا في عام 1877، بسبب المنافسة الأجنبية. وخوفا من التواجد التجاري الإنجليزي، قررت مدريد تأكيد «حقوقها».

وبعد مفاوضات مطولة بين أبريل وأكتوبر 1877، شكلت لجنتان، إحداهما إسبانية والأخرى مغربية، كلفتا بتحديد الموقع المفترض للقلعة المفقودة وترسيم حدودها. انطلقت البعثة الإسبانية على متن السفينة الحربية بلاسكو دي غاراي (Blasco de Garay)، واستقبلت المندوبين المغاربة في موغادور (الصويرة) في يناير 1878، قبل أن تبحر على طول ساحل المحيط الأطلسي. وصلت البعثة إلى رأس أخفنير، جنوب وادي شبيكة، واستكشفت عدة نقاط على طول الساحل قبل أن تتجه شمالا.

أعد الإسبان تقريرا يؤكد بأن مرفأ إفني يطابق موقع سانتا كروز دي مار بيكينيا القديم، لكن المندوبين المغاربة رفضوا ذلك. وعارض المغرب هذا التأويل، فحاول لاحقا إقناع إسبانيا بالتخلي عن أي استيطان في إفني، عارضا في المقابل إما تعويضا ماليا أو تعويضا ترابيا على الساحل الشمالي، بالقرب من مليلية. وللأسف، قبل المغرب الأمر مكرها.

كيف جعلت إسبانيا إفني بديلا مناسبا؟

كثفت إسبانيا مطالبها بخصوص إفني. وردا على ذلك، شكلت لجنة ثانية عام 1883. تتبعت هذه اللجنة الساحل برا من آكادير إلى وادي نون، ثم واصلت عملها حتى مصب وادي درعة.

ومع ذلك، رفضت البعثة الإسبانية الذهاب إلى بويرتو كانسادو (Puerto Cansado)، الموقع المركزي للتحقيق، لأن المغرب حدده كموقع لسانتا كروز دي مار بيكينيا. وبذل الإسبان قصارى جهدهم لتجنب زيارة بويرتو كانسادو، الموقع الموثق الآن على أنه الموقع الدقيق لسانتا كروز دي مار بيكينيا.

في مقال نشر عام 1935، أكد الكاتبان بيير دو سيفينال (Pierre de Cévinal) وفريديريك دو لا شابيل (Frédéric de la Chapelle) أن لجنة بلاسكو دي غاراي ربما تلقت تعليمات من الحكومة لإعطاء الأولوية لموقع استراتيجي لإسبانيا، بدلا من تحديد موقع أطلال سانتا كروز دي مار بيكينيا:

«اعترف الرأي العام في إسبانيا بأن لجنة بلاسكو دي غاراي اختارت مرفأ إفني ليس لاعتقادها أنه موقع سانتا كروز دي مار بيكينيا، بل لأنها اعتبرته أفضل مكان للدخول في علاقات تجارية مع الأهالي». (بيير دو سيفينال وفريديريك دي لا شابيل، «الممتلكات الإسبانية على الساحل الغربي لإفريقيا: سانتا كروز دي مار بيكينيا وإفني»، هسبيريس (Hespéris)، المجلد 21، 1935، الصفحات من 19 إلى 66).

وأضافا: «يجب أن نعترف بأن إفني، في المجال السياسي، تمثل بالنسبة لإسبانيا سانتا كروز دي مار بيكينيا القديمة. ومع ذلك، إذا كان هناك أمر مؤكد في التاريخ، فهو أن سانتا كروز دي مار بيكينيا لم تكن قط في إفني».

من جانبه، عبر المغرب عن موقفه بوضوح في رسالة مؤرخة في 20 أكتوبر 1883، وجهها السي محمد برغاش، وزير الخارجية. تنص الرسالة على أن المندوبين الإسبان أقروا بأن إفني لا تطابق سانتا كروز الحقيقية، التي تعرف بشكل قاطع بكدر ارجيلة (Gueder Erredchila ou Erjila). ومع ذلك، حرصا منه على الحفاظ على علاقات جيدة مع إسبانيا، وافق السلطان مولاي الحسن على إنشاء مصائد أسماك في إفني، وفقا لما نصت عليه المادة 8 من معاهدة السلام لعام 1860، دون الدخول في أي نقاش حول الموقع الحقيقي لسانتا كروز.

وتشهد الوثيقة المنشورة أدناه، التي تتناول اجتماع الاتحاد البريدي العالمي الذي عقد في كندا عام 1957، على الجهود الدؤوبة التي بذلتها الدبلوماسية المغربية لمواجهة الأطماع الإسبانية. ورفض الوفد المغربي المحاولة الإسبانية لتصوير إفني كإقليم خاضع للسيادة الإسبانية:

على الرغم من أن الاتفاقيتين الفرنسيتين الإسبانيتين لعامي 1904 و1912 أكدتا هذا الوصف، إلا أن إسبانيا لم تحتل إفني حتى أبريل 1934. أوقفت الحرب الأهلية الإسبانية ترسيم حدود الإقليم، التي تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى حتى انتهاء الأعمال العدائية. ويدّعي المغرب الآن أن إفني كانت مجرد تنازل مؤقت.

تحرير من طرف الجيلالي العدناني
في 15/06/2025 على الساعة 21:32