وأوردت يومية المساء، الصادرة غدا الثلاثاء، هذه الشهادة التاريخية، التي جاءت عند تدخل بوستة على هامش الندوة التي نظمها مركز طارق بن زياد، بمناسبة صدور كتاب "عبد الرحمان اليوسفي والتناوب الديمقراطي المجهض" لصاحبه محمد الطائع، والتي احتضنتها رحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية بالرباط، وأدارها حسن أوريد، وشارك فيها كل من محمد العربي المساري، وحسن طارق وسليمان الريسوني وعبد الصمد السكال، إلى تفاصيل غير معروفة دارت بينه وبين الحسن الثاني أثناء الترتيب لحكومة تقودها المعارضة، وقال إنه كان اتفق مع عبد الرحيم بوعبيد على تفكيك بنية الاستبداد بتدرج، بناء على وصية من علال الفاسي أوصى فيها، أولا، بمد الجسور مع المنسحبين من حزب الاستقلال (أي الاتحاديين الوطني وبعده الاشتراكي) وثانيا، بعدم ترك الحسن الثاني محاطا بأولئك الذين كانوا يحيطون به.
وأضاف "بعد وفاة بوعبيد في 1992، كانت هناك انتخابات تصرف فيبها ادريس البصري وكريم العمراني وهذا كان مخالفا لما اتفقنا عليه مع الحسن الثاني لترتيب دخولنا إلى الحكومة" متسائلا "هل الملك كان متفقا مع هذا التزوير؟" قبل أن يستدرك قائلا "أنا أعرف الحقيقة"، تضيف اليومية.
ونقرأ في الشهادة ذاتها أن "بوستة آخذ على اليوسفي قبوله بما لم يقبل به هو في 1993، وقال إن الحسن الثاني استقبله رفقة اليازغي وبنسعيد وقال لهم: لقد جاء الوقت لتتحملوا المسؤولية، قبل أن يتوجه إليه هو بالتحديد ويقول له "انت اللي غادي تتحمل المسؤولية" فأجابه بوستة لقد اتفقنا معط على أن نتحمل المسؤولية عندما تكون لدينا أغلبية في البرلمان" فأجاب الحسن الثاني:لا يجب أن تكونوا".
"وفاجأ بوستة الحاضرين، عندما تحدث بقوة عن "الخطإ الفادح" الذي وقع فيه اليوسفي بعد إبعاده من الحكومة سنة 2002، وقال "كان عليه يدير "السكاندال" ماشي يعتزل السياسة"، تخلص الجريدة.
كما تطرقت يومية أخبار اليوم لخرجة بوستة، "الذي استحضر بمناسبة وفاة الاتحادي أحمد الزايدي، كيف ذهب رفقة محمد اليازغي إلى بوزنيقة بعد تزوير الانتخابات ضد الزايدي، وقال "لقد رأينا كيف كان الناس في بوزنيقة متشبثين بالزايدي، وقد أحبونا كما كانوا يحبون الزايدي".
كما لخص بوستة تجربة اليوسفي في الحكومة بالقول إنه "رجل حسن النية، قام بأمور جيدة رغم الصعوبات التي واجهها داخل حزبه وخارجه، وكانت له القوة ليكمل الإصلاح... لكن في الأخير "ألبسوه الجلابة والسلهام" تضيف أخبار اليوم.
درس اليوسفي
على الرغم من قوة هذه الشهادة التاريخية، التي جاءت على مسافة زمنية لأكثر من عقد، أي ما حدث عقب انتخابات 2002، فان استقالة اليوسفي تعتبر سابقة بالمغرب. لاسيما و أن السائد ، و مند زمن طويل ، هو التشبث بالمواقع و الكراسي الحزبية و السياسية مدى الحياة إلى حد أن بعضها أضحى وراثيا أبا عن جد.
وإذا كان البعض يرى في اعتزال اليوسفي للسياسةفي وقت يعرف فيه المغرب مرحلة الانتظارية كادت أن تخلق السأم على أرضية سياسة ملغومة وقتئذ، فإن مسار عبد الرحمان اليوسفي كان من مسارات الرجال الذين طبعوا تاريخ المغرب المعاصر، واختار الانسحاب في صمت دون "سكاندال".