لا تكاد تنتهي مواجهة بين أحزاب الأغلبية، حتى تندلع حربا شرسة بين حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، فيضطر الطرفان إلى استعمال كل الأسلحة، حتى المحرمة "دوليا، مثل السب والقذف، فقط لإجبار الطرف الآخر على رفع الراية البيضاء... المهم هو تسديد الضربات، وليس البرامج أو القرارات التي ستسهم في إنقاذ المغرب من أزماته الاقتصادية والاجتماعية.
في نهاية الأسبوع، شحذت الأحزاب نفسها أسلحتها استعدادا لمعركة جديدة، فقال عبد الإله بنكيران بنكيران، رئيس الحكومة، أمام حشد جماهيري بمؤتمر شبيبه، حسب ما نقلت جريدة أخبار اليوم في عدد يوم (الاثنين)، أنه مصر على "الاستمرار وتنفيذ ما وعد به من إصلاحات، ملوحا بإمكانية إتمامه ولايته الحكومية، والبقاء 20 عاما في الحكومة"، ثم أدار الدفة نحو خصومه ف"ساند عبد العالي حامي الدين، القيادي في بيجيدي، الذي واجه، أخيرا، محاولات إحياء ملف "آيت الجيد"، واتهامه بالضلوع في مقتل الطالب اليساري".وقال بنكيران، في هذا السياق، عبارة "هداك السفيه ديالهم"، قبل أن يشرح حامي الدين، الذي كان حاضرا في هذا اللقاء، حسب الجريدة نفسها، أن "المقصود بالسفيه هو إلياس العماري الذي كان وراء تحريك ملف آيت الجيد”.
توفيق بوعشرين، مدير نشر الجريدة ذاتها، لم يدع تصريحات بنكيران تمر مرور الكرام، فخصص افتتاحيته له، وتحول إلى طبيب نفسي حين أوضح أن "بنكيران بدا غاضبا متوترا، وبعث رسائل كثيرة من تحت الاستعارات السياسية التي أضحت لغة التواصل المفضلة لديه، مثل التماسيح والعفاريت والمشوشين والمتآمرين والسفهاء"، ثم تساءل ماذا يجري؟ هل هناك "أزمة أكثر من أن يتحول رئيس الحكومة إلى أكبر معارض في المملكة، وأن تتحول الحكومة من سلطة لها القرار إلى حركة تحرر مستضعفة يصفها أتباعها بالصامدة ويدعون لها بالنصر والتمكين؟"، فهل وصل منهج بنكيران إلى الباب المسدود؟
لا جواب عن السؤال، حتى أن جريدة الأحداث المغربية، نقلت عن بنكيران نفسه عبارات تسير في الاتجاه نفسه، فوصف سميرة سيطايل ب"الموظفة التي تحركها أيادي خفية"، واتهم أحمد عصيد ب"التهجم على عقيدة الأمة"، وهو ما جعل جريدة الخبر تلخص الموضوع بأن بنكيران فضل توجيه "رسائل مشفرة إلى حلفائه وخصومه"، فكيف تلقى هؤلاء رسائل بنكيران؟
طبعا ستتيه الرسائل السياسية في مشهد الفوضى والاتهامات المتبادلة، فحزب الأصالة والمعاصرة، كما تقول جريدة الخبر، تهكم أمينه العام، على وضعية الأغلبية من خلال شد الحبل بين معارضة حزب الاستقلال للحكومة، التي يشارك فيها، وتحكم حزب العدالة والتنمية في قراراتها، ثم تساءل الباكوري: "هل هناك في تاريخ التجارب السياسية حكومة تمثل الأغلبية و المعارضة في الآن ذاته؟
لا جواب أيضا، لكن الأكيد أن كل الأسلحة مباحة في معركة "البام" و"البيجيد"... فمزيدا من الحروب، مادام الديمقراطية المغربية هي الوحيدة التي يُسمح فيها باستعمال كل القواميس الحيوانات، ولتذهب الوعود أدراج الرياح.