عندما تتلاعب الجزائر في قانون المالية 2023 لإخفاء ميزانيتها العسكرية الضخمة

الجيش الجزائري

الجيش الجزائري . DR

في 04/01/2023 على الساعة 12:00

بعدما قررت مضاعفة إنفاقها العسكري في عام 2023، اضطرت الطغمة العسكرية الجزائرية إلى تقليص طفيف في ميزانيتها العسكرية تحت ضغط الغرب، مع تضخيم كبير في ميزانية وزارة المالية. مناورة لا يمكن أن تنطلي على أي والتي تهدف إلى الإيهام بأن الجيش ليس هو الذي يحصل على أكبر ميزانية في البلاد.

"مبلغ غير مخصص" أو المبلغ الذي لم يحدد له المسار الذي سيصرف فيه، هذا هو اسم بند جديد في الميزانية خصص له قانون المالية الجزائري لسنة 2023 قرابة 2486 مليار دينار جزائري، أي ما يزيد عن 18 مليار دولار. هذه الميزانية الوهمية والضخمة، في بلد حيث، وباعتراف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نفسه، يستيقظ قسم كبير من السكان كل صباح دون أن يكون لديهم ما يكفي لشراء كيس من الحليب، تم تخصيصه لوزارة المالية، دون تحديد الغرض الذي ستصرف فيه هذا المبلغ الضخم.

بفضل هذا "المبلغ غير المخصص"، يبدو أن وزارة المالية تجاوزت وزارة الدفاع التي كانت دائما تستأثر بحصة الأسد في الميزانية في الجزائر.

في الواقع، هناك قانون غير مكتوب مفاده أنه وقت توزيع كعكة الميزانية السنوية للدولة، يجب أن تذهب الحصة الكبرى إلى الجيش الجزائري.

وهكذا، في قوانين المالية خلال السنوات الـ23 الأولى من القرن الحادي والعشرين، زادت ميزانية وزارة الدفاع الجزائرية بشكل مطرد، حيث ارتفعت من 2.7 مليار في عام 2000 إلى 18 مليار في عام 2023، مع العلم أنه منذ عام 2012، وهي السنة التي تجاوزت فيها 10 مليارات دولار، لم تنخفض هذه الميزانية تقريبا إلى ما دون هذا المستوى.

وسواء انخفضت أسعار المحروقات أو استقرت أو ارتفعت مرة أخرى في السوق الدولية، فإن حصة الجيش في ميزانية الدولة الجزائرية تظل هي الأكبر.

لكن الشيء الغريب في قانون المالية 2023 الذي وقعه تبون، وسط ضجة كبيرة وبحضور جميع أعضاء حكومته ورئيس أركان الجيش، سعيد شنقريحة، هو أن "المبلغ غير المخصص" الذي يظهر في ميزانية وزارة المالية يهدف إلى جعل الأخيرة الميزانية الأولى للدولة باعتمادات قدرها 3.704.849.197.000 دينار جزائري مقابل 2.486.000.000.000 دينار جزائري لوزارة الدفاع.

ولكن الأكثر إثار للدهشة هو أن "المبلغ غير المخصص" المذكور يتوافق تماما وبشكل غريب مع نفس المبلغ الذي يستخدم كميزانية للجيش لهذا العام، أي 2.486.000.000.000 دينار جزائري.

© Copyright : DR وبالتالي، إذا قمنا بخصم هذه الـ2486 مليار دينار من ميزانية وزارة المالية (أي 3.704.849.197.000 – 2.486.000.000.000)، فسنكون أمام مبلغ 1.218.849.000 دينار جزائري، وهو ما يتوافق مع الميزانية الفعلية لوزارة المالية كما تم توزيعها في عام 2023 بين مختلف إداراتها ومصالحها.

لذلك من غير الطبيعي أن تتضاعف ميزانية هذه الوزارة دون أدنى سبب بـ14 مرة دفعة واحدة، علما أنه في قانون المالية السابق (2022) كانت ميزانية وزارة المالية 92 مليار دينار فقط. مقابل 3704 مليار هذا العام!

على عكس ما يراد تسويقه، فإن وزارة المالية لم تصبح الميزانية الكبرى في الميزانية العامة للدولة، لأن الأولوية تبقى دائما للجيش الجزائري، حتى لو تضاعفت ميزانيته تقريبا من عام إلى عام، إذ انتقلت من 1300 مليار دينار في 2022 إلى 2486 مليار دينار في 2023.

لكن بميزانية عسكرية ضخمة تبلغ 22.7 مليار دولار، كما أقرها المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) في 22 نونبر الماضي، ثم مجلس الأمة يوم 8 دجنبر الماضي، قبل تخفيضها إلى 18 مليار دولار، فهي روسيا، في السياق الحالي لحربها في أوكرانيا، هي التي ستكون المستفيد الأكبر، لأنها المصدر الأول للأسلحة إلى الجزائر.

لهذا السبب، منذ شتنبر الماضي، دعا العشرات من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب الأمريكيين، من الجمهوريين والديمقراطيين، إلى فرض عقوبات على الجزائر بسبب دعمها المالي لروسيا من خلال عقود أسلحة ضخمة، مذكرين بالصفقة الموقعة بين البلدين سنة 2021 والتي تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار.

طالب أعضاء الكونجرس الأمريكي وزارة الخارجية بتفعيل ما يسمى بقانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات، والذي يفرض عقوبات منذ عام 2017 على أي دولة توقع اتفاقيات دفاعية أو استخباراتية مع روسيا وغيرها من الدول المصنفة على أنها "أعداء" من قبل الولايات المتحدة.

وبالتالي، فتحت ضغط الأمريكيين، وبالتحديد من خلال الرسالة المباشرة التي وجهتها السفيرة الأمريكية في الجزائر إليزابيث مور أوبين التي التقت كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين الجزائريين في نونبر الماضي، قامت الطغمة العسكرية بالتراجع من خلال التلاعب في قانون المالية 2023 في آخر لحظة، ولكن دون تخفيض حقيقي وفعلي في ميزانية الجيش. وعلى العكس من ذلك، فإن المبلغ غير المخصص لوزارة المالية، أكثر من 18 مليار دولار، سيكون بمثابة صندوق أسود تحت تصرف الجنرالات.

وتجدر الإشارة إلى أن الضغط الغربي القوي أجبر الجزائر على إلغاء مناورات عسكرية كانت تنوي تنظيمها بالاشتراك مع روسيا، في الفترة من 16 إلى 28 نونبر في بشار، بالقرب من الحدود مع المغرب.

كما قام عبد المجيد تبون، الذي انتقد، بعبارات مبطنة، تواجد مرتزقة فاغنر الروس في مالي، بتأجيل إلى أجل غير مسمى، أو ألغى زيارة إلى موسكو كانت مقررة سابقا في الفترة من 17 إلى 19 دجنبر 2022.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 04/01/2023 على الساعة 12:00