في جزائر الجنرالات، دعم المنتخب المغربي لكرة القدم قد يعرض صاحبه لأقسى الأعمال الانتقامية ولسنوات طويلة في السجن.. هذا ما تعرض له أفراد من القوات الخاصة الجزائرية. فقد تم القبض عليهم لنشرهم مقطع فيديو على تطبيق "تيك توك" يحتفلون فيه بأداء أسود الأطلس خلال المباراة التي جمعتهم بمنتخب البرتغال، يوم السبت 10 دجنبر 2022 في ملعب الثمامة بالدوحة، في ربع نهائي كأس العالم في قطر.
في الفيديو الذي سجلوه في ثكنة عسكرية، "هنأ" الجنود "إخوانهم" المغاربة على انتصار السبت الماضي، مؤكدين أن الجزائريين والمغاربة هم" خاوة خاوة"، ويتمنون لرجال وليد الركراكي حظا سعيدا، قبل أن يرتجلوا رقصة على أنغام الراي للاحتفال بهذا الفوز.
لكن سرعان ما تم اعتقالهم. وأشارت أبواق النظام في هذا الصدد إلى أنهم سيحاكمون أمام محكمة عسكرية وأنهم قد يحكم عليهم بالسجن لمدة عشر سنوات على الأقل، بتهمة الخلط بين الرياضة والسياسة واستعمال شبكات التواصل الاجتماعي في ثكنة عسكرية.
وبغض النظر عن الطبيعة المضحكة وغير المتناسبة تماما لرد الفعل هذا، فإن قضية هؤلاء الجنود المسجونين، الذين كان ذنبهم الوحيد هو الاحتفال بفريق كرة قدم من منطقة شمال أفريقيا، ومشاركة فرحة شعب جار تربطه روابط قوية بالشعب الجزائري، يؤكد بجلاء أن الدعاية المعادية للمغرب التي يروجها النظام الجزائري عقيمة وغير مجدية.
لقد حاولت القنوات التليفزيونية العمومية ووسائل الإعلام الخاضعة للطغمة العسكرية أن تخصص في أخبارها اليومية وصفحاتها على الإنترنت لـ"تحطيم المغربي"، متحدثة عن احتجاجات وفوضى لا توجد إلا في أذهان أصحابها، أما الجزائريين فيظلون متشبثين بأواصر الأخوة التي توحدهم مع المغاربة.
تصور القوات الخاصة على أنها من الأجهزة الأكثر تشبعا بدعاية النظام القائم، لكن أفرادها كغيرهم من المواطنين الجزائريين الذين يعتبرون انتصار المغرب في كأس العالم انتصارا لهم. لكن "النظام"، الذي تعمل قناته التلفزية العمومية على تجاهل أداء أسود الأطلس في المونديال وتتجنب حتى نطق كلمة "المغرب"، لا يرى الأمور بهذا المنظار.
من خلال معاقبة هؤلاء الجنود بهذه الطريقة، ودائما وفقا لأبواق النظام، فإن الجزائر تريد أن يكون هذا درسا لجميع الجزائريين. وهي محاولة لترهيب وترويع شعب بأكمله الذي يتعين عليه أن يتخفى لكي يعبر ويشارك المغاربة أفراحهم، في حين أن دول العالم العربي وأفريقيا، من بين أمم أخرى، عبرت عن فرحها لإنجاز المنتخب الوطني.
وكأنه محاولة للتحايل على إفلاس حملة حقيقية ضد المغرب ومؤسساته وإنجازاته، فإن الجنرالات يفضلون الطريقة السهلة: قمع الأصوات التي لا تتماشى مع دعايتهم، وسجن، لسنوات طويلة، جنود خطؤهم الوحيد هو الاحتفال بنتيجة مباراة كرة القدم.
إذا لم يكن هذا جنونا حقيقيا، فسيتعين على المحللين النفسيين شرح ما يمكن أن يكون فعلا.