وفي مراسلة مطولة، توصلت بها الجامعة المغربية لحماية المستهلك، مؤخرا، قالت السفارة الفرنسية إن "القوانين الجاري بها العمل في فرنسا وجميع دول منطقة “شينغن” تنص على أن واجبات التأشيرة لا تُسترجع في حال رفض الطلب"، مشيرة إلى أنه "يتم إبلاغ المتقدمين بهذا الأمر بشكل كامل عند استكمال طلباتهم".
وكشف بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، أن الرسالة تتضمن معطيات رسمية كان يجهلها الفاعلون الاقتصاديون والسياسيون والحقوقيون وتوضح بأن "المشكل سياسي".
وقال الخراطي، في تصريح لـLe360: إن الرسالة تثبت بأن "المشكل سياسي ولا علاقة له بالتعامل التجاري بين السفارة كمورد وطالب التأشيرة كمستهلك، خصوصا بعد إشارتها في الفقرة الثالثة إلى مشكل الهجرة".
"تم تبليغ مجموعة المحامين المغاربة بفرنسا بالرسالة، ونحن ننتظر تدخلهم لاسترجاع المبالغ المالية لأصحابها"، يؤكد المتحدث.
المراسلة التي تحمل توقيع وختم السفيرة الفرنسية السابقة، هيلين لوغال، والموجهة إلى رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، في 19 شتنبر 2022، للكشف عن أسباب رفض استرداد مبالغ التأشيرات بعد رفضها، تقول إن "الرسوم التي يتم تحصيلها عند تقديم طلب التأشيرة، تنقسم إلى رسوم الخدمة، التي تكافئ مزود الخدمة “TLS” مثلا بالنسبة لفرنسا، مهام الإشعار، الاستقبال، والتحصيل، ثم رسوم التأشيرة".
وأوضحت المراسلة ذاتها، التي توصل Le360 بنسخة منها، بأن المغرب من بين الدول الثلاث الأكثر طلبا لتأشيرة دخول الأراضي الفرنسية، مشيرة إلى أن المصالح القنصلية الفرنسية في المغرب عالجت ما يقرب من 150 ألف طلب تأشيرة ما بين يناير ويونيو 2022.
واعتبرت لوغال أن هذا "الرقم كبير"، خلافا لما يتم تداوله حول "معدلات الرفض الخيالية التي يتم نشرها عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي".
"فرنسا تسعى إلى تحقيق هدف تعزيز الشراكة الاستثنائية التي أقامتها مع المغرب في جميع المجالات، وتعزيز الدينامية المتصاعدة بين البلدين"، تؤكد السفيرة الفرنسية السابقة، مشيرة إلى أن "فرنسا لديها توقعات مشروعة في مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتواصل الحوار مع السلطات المغربية حول قضايا الهجرة، مما يسمح باستئناف عمليات إعادة القبول، التي انخفض عددها بشكل كبير منذ عام 2020، ما سيمكن من العودة إلى نشاط التأشيرات الطبيعي في أسرع وقت ممكن".
يذكر أن الجامعة المغربية لحقوق المستهلك كانت قد راسلت، في غشت الماضي، مصالح السفارة الفرنسية بالرباط، من أجل إعادة مصاريف التأشيرات إلى المغاربة الذين رفضت طلباتهم للحصول على "فيزا" لولوج التراب الفرنسي، وذلك عقب اتخاذ فرنسا قرارا بخفض تأشيرات دول المغرب، الجزائر، وتونس.
فرنسا تشدد شروط منح التأشيرات
وكانت السلطات الفرنسية قد قررت، شهر شتنبرمن السنة الماضية 2021، تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس، ردا على "رفض" الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين من مواطنيها، وفق ما أعلن عنه الناطق باسم الحكومة غابريال أتال، يوم الثلاثاء 28 شتنبر.
وقال أتال: "إنه قرار غير مسبوق لكنه أصبح ضروريا لأن هذه الدول لا تقبل باستعادة رعايا لا نرغب بهم ولا يمكننا إبقاؤهم في فرنسا"، مؤكدا أن "مواقف الدول الثلاث تبطئ فعالية عمليات الترحيل من الأراضي الفرنسية عند صدور قرارات في هذا الصدد".
رد وزير الخارجية ناصر بوريطة
وتعليقا على قرار فرنسا أحادي الجانب، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن" قرار فرنسا تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب غير مبرر ولا يعكس حقيقة التعاون القنصلي في مجال مكافحة الهجرة غير القانونية".
وقال بوريطة، في مقال سابق نشره Le360، "إننا أخذنا علما بهذا القرار ونعتبره قرارا غير مبرر لمجموعة من الأسباب، أولها أن المغرب كان دائما يتعامل مع قضية الهجرة بمنطق المسؤولية والتوازن اللازم بين تسهيل تنقل الأشخاص (طلبة ورجال أعمال وغيرهم..) وما بين مكافحة الهجرة السرية والتعامل الصارم مع الأشخاص في وضعيىة غير قانونية".
وأوضح الوزير أن قنصليات المملكة منحت، في إطار هذه المقاربة، فقط خلال الـ8 أشهر الأولى من السنة الجارية، 400 وثيقة مرور لأشخاص كانوا في وضعية غير قانونية، ومنه فإن الاعتماد على معيار "رفض" إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة المهاجرين غير ملائم.
وشدد، في هذا السياق، أن المغرب يشترط لاستعادة مهاجرين من مواطنيه توفرهم إما على جواز سفر أو وثيقة للمرور، غير أنه في ظل جائحة كوفيد-19، أصبح يشترط أيضا تقديمهم لنتيجة اختبار سلبية لفحص تفاعل البوليميراز المتسلسل "بي سي إر" من أجل الولوج إلى التراب الوطني، لافتا إلى أن ما لا تصرح به فرنسا أن مجموعة من الأشخاص الذين يتوفرون على وثائق للمرور لم يتمكنوا من دخول المغرب لأنهم يرفضون القيام بهذا الفحص على اعتبار أن الخضوع له بفرنسا يبقى اختياريا.
وأبرز، في هذا الصدد، أن المشكل فرنسي-فرنسي لأنه إذا كان القانون الفرنسي لا يسمح للسلطات الفرنسية بإلزام المهاجرين بالخضوع لهذا الفحص من أجل ترحيلهم، فإن المغرب لن يقبل بتغيير قوانينه لتمكين القادمين من فرنسا من الولوج إلى المغرب دون الخضوع لهذا الفحص.
وخلص بوريطة إلى أن هذا القرار يبقى مع ذلك قرارا سياديا غير أن الأسباب التي انبنى عليها تحتاج إلى التدقيق والنقاش ولا تعكس حقيقة التعاون القنصلي بين البلدين في محاربة الهجرة غير النظامية، مشددا على أن المغرب سيتابع هذا القرار عن قرب.