وحسب مضمون الإنذار المرسَل عبر موكلها رئيس نادي المحامين بالمغرب مراد العجوطي، فقد اعتبر ما قامت به الشركة المذكورة استيلاءً ثقافيا على مكون مغربي تاريخي خالص، وتطاولا على جزء مهم من التراث الوطني، وهو ما دفع الوزارة لتوجيه إنذار قضائي للشركة، مع تنبيهها بخطورة هذا الفعل على مشاعر المواطنين المغاربة، وما يمكن أن يترتب عنه قانونيا، بناءا على عدد من الحجج القانونية والوثاق التاريخية التي تتوفر عليها.
وكانت صفحة "تويتر" الخاصة بشركة أديداس نشرت صورة لتصميم خاص بمجموعة من القمصان لفريق كرة القدم الجزائري، تدَّعي فيها أن تصميم هذا القميص الجديد مستوحى من الأنماط الموجودة في "قصر المشوار بتلمسان"، حيث أشار محامي وزارة الثقافة أن هذه الأخيرة سلمت له ملفا يتضمن عناصر يبدو منها أن الأنماط المستخدمة في هذا التصميم الجديد، تشمل تمثلات لفن الزليج المغربي، وهو ما يشبه محاولة واضحة للاستيلاء الثقافي من خلال العلامة التجارية "أديداس".
وأكدت وزارة الثقافة أن فسيفساء قطع الخزف الملون، ظهرت لأول مرة في المغرب في القرن العاشر، والنماذج الموجودة في قصر المشوار بتلمسان مستوحاة من المغرب، وشوهدت لأول مرة في المدرسة البوعنانية في فاس ومدرسة الزاوية شالة، مضيفة أن هذه المعلومات وردت في مقال علمي بعنوان "قصر المشوار (تلمسان ، الجزائر): ألوان الزليج وتصميمات زخارف القرن الرابع عشر، نشرته مجلة ArcheoSciences 2019/2) رقم 43-2)".
وأضافت الوزارة أن الأنماط المستخدمة في تصميم القميص الخاص بكرة القدم، مستوحاة من الأنماط الموجودة في المعالم الأثرية لمدينة فاس وموقع شالة، المدرَجين في قائمة التراث العالمي لليونسكو في عامي 1981 و1985، وتحتوي قائمة التراث العالمي على جميع السمات المعمارية والعمرانية، مشيرة إلى المدينة القديمة لفاس تعتبر محميةً بنصوص تشريعية وطنية، تهدف إلى حمايتها وتعزيزها على المستوى المحلي، وإدراجها في قائمة التراث العالمي، ولا سيما المرسوم رﻗﻢ 2.81.25 الصادر ﻓﻲ 23 ﻣﻦ ذي اﻟﺤﺠﺔ 1401، 22 أكتوبر 1981، ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻘﺎﻧﻮن رﻗﻢ 22.80، اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ اﻟﺘﺎريخية واﻟﻤﻨﺎﻇﺮ واﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﻤﻨﻘﻮﺷﺔ واﻟﺘﺤﻒ اﻟﻔﻨﻴﺔ.
وأشارت الوزارة الوصية أن موقع شالة، وهو مقبرة مرينية، يعد أحد مواقع مدينة الرباط المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي كأصل ثقافي، مؤكدة أن المصممين التابعين لشركة "أديداس" قاموا بالسطو على أحد أشكال التعبير الثقافي التقليدي هذه، وأعادوا استخدامها خارج سياقها، متجاهلين أهميتها الثقافية، وتحريف أصلها، مما تسبب في إلحاق ضرر جسيم بأصحاب الحقوق.
واعتبرت الوزارة في إنذارها أنه يمكن أن يؤدي الاكتفاء بنسخ التصاميم دون التمعن في تاريخها و طأهميتها الثقافية، وأصل إنشائها، إلى تقويض هوية مجتمع بأكمله، مشددة على أن تصرف مهندسي الشركة يتجاوز الاستغلال الاقتصادي لهذه العناصر من الهوية الثقافية المغربية، حيث يعتبر إسناد مكون ثقافي مغربي إلى بلد آخر، "تدخلا سياسيا غير مبرر"، يتعلق بمحاولة السطو على مكون ثقافي، وإسناده لبلد آخر، مما سيساهم في فقدان أو تشويه المعنى الأصلي لهذه العناصر الثقافية.
وطالبت الوزارة عبر محاميها بسحب هذه المجموعة من القمصان الرياضية المشار إليها في غضون 15 يوما من استلام هذه الإنذار، أو تخصيص بيان صحفي يبين أن التصاميم المستعملة في هذه القمصان الرياضية مستوحاة من فن الزليج المغربي، وتخصيص جزء من الأرباح للحرفيين المغاربة أصحاب الحقوق، مبينة احتفاظها بحقها في استخدام كل المساطر القانونية المتاحة أمام المحاكم الألمانية والدولية، وكذلك أمام المنظمات المتعلقة بحماية التراث وحقوق الملكية الفكرية، مثل "اليونسكو" و"المنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية"، من أجل حماية عناصر التراث الثقافي المغربي من محاولات الاستحواذ الثقافي غير المشروعة.