لقد مر زمن طويل قبل أن نعلم أن شخصيات فن الدمى يتم التلاعب بها من أعلى بواسطة خيوط متصلة بعنصر تحكم، ويطلق على الشخص الذي يقوم بتحريك الدمى في العروض اسم "محرك الدمى"، ويقوم بذلك من خلف ستائر أو غطاء أسفل أو أعلى المسرح.
والدمى أنواع، منها المصنوعة من قماش ومنها المخلوقة من لحم ودم. ورغم الفارق بينهما فإنهما يقومان بنفس الدور ويخضعان لمحرك من خلف ستار.
لقد غمر مشهد الفضاء الأزرق في هذه الأيام جوقة كراكيز يحركها نظام جبان، تردد دون توقف إدعاءات باطلة موغلة في الغرائبية والحقد والحسد والهستيريا تجاه المغرب الأبي ورموزه الشامخة وتهدف من وراء ذلك إلى التضليل ونشر المزاعم الكاذبة والتي تنم عن حملة قذرة ممنهجة لا تراعي عرفا ولا جوارا ولا قيما.
إنه سلوك المقامر المنهزم الذي تتملكه رغبة لا شعورية في أن يخسر بدل أن يكسب، ويسيطر عليه دافع أن يخسر ويستمر في الخسارة كنوع من العقاب ينزله بنفسه.
لقد تغيرت قواعد مسرح العرائس في زماننا، فإذا كان يطلق على التمثيل في المسرح كلمة Playing أي اللعب، فإنه يراد به أن يلعب الممثلون للجمهور لا أن يلعبوا عليه، أي أن لا يسعى الممثلون إلى خداع المفرجين بأداء تنكري واستعراض مهارات زائفة.
إن هناك اتجاها عريقا ومختلفا لمسرح الدمى وهو الاتجاه الياباني المسمى "بونراكو"، وهي أعمال جادة وليست كوميدية، بحيث اشتهر المخرج "تشيكاماتسو" كأعظم مؤلفيها التراجيديين. وفي هذا النوع المسرحي الذي يحترم مشاهديه، يرى الجمهور دمى ضخمة يحركها بوضوح أمام أنظاره، لاعبون ظاهرون للعيان، يتشحون جميعا بالسواد، في مشهد مأساوي يتخلله دم ودموع.
نعم لقد سقط القناع عن القناع وما كان يجري خلسة بات الآن يحدث في العلن دون خجل أو وجل.
وتبين أن المسرحية التي تحكي عن "قصة الحب التي لها نصيبها من المأساة" وسط ديكور مأساوي تعرض فيه جماجم الذاكرة المثقوبة ليست إلا ملهاة رديئة لمخرج فاشل.
يا لبؤس الأراجوز حين انكشف تحت أضواء الحقيقة المبهرة...