جدد الملك محمد السادس، يوم السبت 30 يوليوز 2022، خلال خطابه الموجه للأمة بمناسبة عيد العرش، يده الممدودة إلى الجار الجزائري، داعيا الرئاسة الجزائرية إلى "العمل يدا بيد" بهدف العودة إلى "العلاقات الطبيعية" بين المغرب والجزائر.
بعد ثلاثة أيام من خطاب الأخوة، الذي علقت عليه الصحافة الدولية على نطاق واسع، التزمت وسائل الإعلام العمومية الجزائرية الصمت، مثل وكالة الأنباء الرسمية، وكذلك صحيفة "المجاهد"، الناطقة باسم الجيش الوطني الشعبي. كما أنه لم يقدم الحوار التلفزيوني الجديد الذي أجراه الرئيس الجزائري والذي تم بثه بعد أكثر من 24 ساعة من خطاب الملك محمد السادس عناصر للجواب... تم تسجيل هذا الحوار قبل يومين أو ثلاثة أيام. وفضلا عن ذلك، ففي هذه المقابلة المتلفزة الجديدة، ناقش عبد المجيد تبون جميع القضايا الدولية والإقليمية، لكنه لم يذكر المغرب ولو مرة واحدة.
في نهاية المطاف، كانت الصحافة الجزائرية الخاصة، التي تخضع غالبيتها للطغمة العسكرية، هي التي تكفلت بالرد على اليد الممدودة من المغرب للجزائر.
في أول مقال نُشر يوم السبت 30 يوليوز بعنوان "الملك محمد السادس يدعو تبون لإعادة العلاقات مع المغرب"، وصف موقع الجنرال نزار algeriepatriotique تصريحات الملك بأنها "تصالحية"، قبل أن يضيف على الفور أن الجزائر ترفض اليد الممدودة للمغرب "المتهم بتوقيع اتفاقيات عسكرية وأمنية مع إسرائيل وتمويل مجموعة من المحرضين الذين يشنون حملة شرسة ضد المؤسسات الجزائرية". وبحسب هذا الموقع الإخباري الجزائري، فإن إغلاق الحدود الجزائرية المغربية "هو صائب اليوم أكثر من أي وقت مضى".
وفي مقال ثان نشر يوم 31 يوليوز، وصف الموقع نفسه، وفقا لمصادره التي يراها بأنها "الموثوقة"، خطاب العرش بأنه "لا حدث وبالتالي لا ينبغي الالتفات إليه"، لأنه "كما كان متوقعا، دخل خطاب محمد السادس من أذن وخرج من الأذن الأخرى".
ومن خلال اللعب على اصطفاف الجزائر في سياق الحرب الروسية الأوكرانية، اعتبرت هذه الوسيلة الإعلامية أيضا أن المغرب يوجد في "وضعية ضعف"، بسبب "فرنسا التي هي في حالة انحدار، وهي في طريقها لفقدان نفوذها في إفريقيا لفائدة روسيا والصين".
ونجد نفس التحليل من زاوية أخرى في موقع Tout-sur-l’algérie، الذي حاور الدبلوماسي الجزائري السابق، عبد العزيز رحابي، الذي أكد بأن الوضع الراهن في العلاقات المغربية الجزائرية يجب أن يستمر. وهكذا، وبحسب هذا "الخبير"، فإن خطاب العرش هو مناورة تهدف إلى "شيطنة" الجزائر. وقال عبد العزيز رحابي: "مرة أخرى، جعل (ملك المغرب) الجزائر مسؤولة عن فشل البناء المغاربي وعن الحالة السيئة للعلاقات الثنائية ويسعى إلى القول بأن المغرب هو ضحية ولكنه مستعد للحوار"، مضيفا أن "المغرب الرسمي يقود عملية شيطنة للجزائر من خلال تقديمها كحليف للقوى والجماعات المعادية للغرب، ودبلوماسيتها على أنها معادية للمصالح الأمريكية والأوروبية والذي سيكون أفضل مدافع عنها".
ترددت كلمة "معسول"، التي كانت مرفقة بظرف "مع ذلك"، في جميع وسائل الإعلام الجزائرية تقريبا التي ردت على الدعوة الملكية. وهكذا، كتب موقع maghrebinfo.dz، أنه في "خطاب معسول، أثار ملك المغرب مؤامرة تهدف، حسب قوله، لزعزعة العلاقات بين الجزائر والرباط، من خلال اتهام اليد الأجنبية بشكل غير مباشر". ومع ذلك، يضيف الموقع ذاته، "لا يزال المخزن يحاول بيع سياسة اليد الممدودة لنا دون اتخاذ تدابير ملموسة في هذا السياق". وعليه، فإن "موقف الجزائر واضح: هناك شروط والتزامات يجب على المغرب تنفيذها من خلال إجراءات عملية". وما هي هذه الإجراءات العملية؟ لا داعي لذكرها، لأنها ببساطة غير قابلة للتحقيق، لأنها تمس بسيادة المغرب.
غير أن الموقع الجزائري Algeriepart كان الموقع الوحيد (موقع معارض في المنفى) هو الأكثر اعتدالا. فقد تناول كل ما قاله الملك محمد السادس عن الجزائر، وخلص إلى أن العلاقات المغربية الجزائرية لم "تتوقف أبدا عن التدهور منذ 2020"، أي مع قدوم النظام الجديد. خاصة، كما يوضح الموقع، عندما قامت الجزائر "بالمزايدة" في أكتوبر 2021، بإغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي، وذلك بعد إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية في شتنبر 2021، بعد أيام قليلة فقط من قطع علاقاتها الدبلوماسية من جانب واحد مع المغرب في غشت 2021.
بقيادة أشخاص عجزة غير شرعيين وكبار السن يجعلون المزايدة ضد المغرب وسيلة مريحة للغاية لتحويل أنظار الشعب عن مشاكله الداخلية، فإن النظام الجزائري غير قادر على التطلع إلى المستقبل، بل وحتى الحفاظ على علاقات طبيعية مع محيطه وجيرانه. لا نتوقع أي بناء من نظام متداع. في نهاية المطاف، ستؤدي الساعة البيولوجية وظيفتها وتخلص شمال إفريقيا من هؤلاء الحكام المسنين الذين يزرعون الكراهية بين شعوب توحد بينهم، مع ذلك، روابط كثيرة.