وعلى رأس هؤلاء، نجد الوزراء الذين يجب أن يتحلوا بالكفاءة والنزاهة والرزانة، حيث أن شخص الوزير، يجب أن يكون مسؤولا عن كلامه، وحذرا في إجاباته، ولبقا في شروحاته، سيما وأنه رجل دولة يمثل صورة بلد بأكمله، فمابالك إن كان ناطقا رسميا باسم حكومة بلاده.
مناسبة هذا الكلام، التصريح الأخير لوزير الاتصال والناطق الرسمي باسم حكومة الجزائر، الذي صرح بكلام غير مسؤول، يخلو من أدب الحديث والكياسة والأخلاق الديبلوماسية، حيث نعت المغرب بأقدح النعوت، متوهما أن بلاده تتعرض لهجمة إعلامية من المغرب، وعلى أننا نكن لهم الحقد والعداء ونحسدهم على حرية الرأي والتعبير، وعلى الإنجازات المحققة.. وأنهم رغم كيد الكائدين سائرون بخطى ثابثة...!!
السيد الوزير، دعني أقول لك أن الجزائر هي التي تتخذ من عداء المغرب عقيدة وإيديولوجية ثابتة، تلقن في المدارس والجامعات، إننا نتفادى الرد عن الكثير من الترهات الواردة من عندكم ، ونؤمن بالاشتغال بصمت من أجل مغرب قوي اقتصاديا واجتماعيا، لكن نجاحنا يغيضكم، وصدق من قال: "مواقف مسؤولي الجزائر تجاه المغرب لا يمكن تحليلها من داخل نسق علم السياسة بل من منظور علم النفس المرضي..".
قدر الشعب الجزائري الشقيق، أن يعيش تحت وطأة التوظيف السياسوي لنظرية المؤامرة، حيث جعلوها تلاحقهم في كل مكان، لاتخلو منها وسائل الإعلام ونقاشات وخطابات الساسة. كل الأعطاب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يجري تطويعها لكي تتسق مع التفسيري التآمري للتاريخ، بل انها في بعض الأحيان تتناقض تماما مع المنطق والعقل، ولعل آخر مستملحاتهم كون الحرارة المرتفعة التي تعرفها الجزائر هذه الأيام، مردها الى ألواح الطاقة الشمسية الموجهة عمدا إلى بلد الأربعين مليون شهيد..!!
نعم السيد الوزير، نحن مسؤولون عن الطوابير وغلاء الأسعار وندرة المواد الاستهلاكية، وسوء أرضية الملاعب، وهزيمة فرقكم الرياضية، والحرائق وكل الكوارث والمصائب والهزائم التي يعرفها الأشقاء جراء سياستكم الرعناء.
والأنكى من ذلك، أن تنخرط في ترويج هذه الحماقات والتفاهات، وكالة الأنباء الجزائرية التي تقود حملة مسعورة ضد كل ماهو مغربي وكذلك الصحافة والقنوات الرسمية.
السيد الوزير، إننا نعيش زمن عولمة الصورة والمعلومة، والعالم يشهد أنكم أنتم من يقود هذه الحملة، تعالوا لنحصي عدد المقالات والأخبار العدائية التي تروجها صحافتكم يوميا في حق المغرب، ولنقارن بين ماينشر ويكتب عندنا، وما ينفث من حقد وسم زعاف من طرف إعلامكم المسخر، حتى غدا اسم المغرب يشكل هوسا مرضيا بالنسبة لكم، وبات العالم يسخر من حماقاتكم وترهاتكم شافاكم الله.
السيد الوزير، تحدثت عن حرية الرأي التي تعرفها بلادكم، لن أحدثك عن عدد المنفيين والمعتقلين، والمختطفين، لن أسرد عليك أسماء أبطال الحراك الذين يقبعون في سجون سرية، ولعلمك أن أبناء الشعب الجزائري المغلوب على أمره يعرفون أدق التفاصيل، ورحم الله شاعر اليمن عبد الله البردوني الذي قال يوما: فظيع جهل مايجري..
وأفظع منه أن تدري.
نعم السيد الوزير لن أسرد عليك الآلاف من المآسي التي يعيشها إخوتنا، بل دعني أخبرك بتقارير دولية، حتى لا تتباكى بنظرية الفبركة والمؤامرة، هل أتاك حديث مفوضية حقوق الإنسان التي عبرت عن قلق متزايد بشأن الوضع في الجزائرحيث "لاتزال حقوق حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي والمشاركة في الشؤون العامة تتعرض للهجوم".
لقد سبق أن أفاد "روبرت كولفيل"، المتحدث باسم المفوضية في مؤتمر صحفي بجنيف، أنه منذ استئناف المظاهرات في شوارع الجزائر في 13 فبراير 2021 بعد عام من الاحتجاجات التي نظمتها حركة "حراك" على الإنترنت بسبب جائحة كوفيد-19 تلقى مكتب المفوضية "تقارير مستمرة عن استخدام القوة غير الضرورية وغير المناسبة ضد المتضاهرين السلميين،وكذا اعتقالات مستمرة".
هل نسيتم الحملة الإلكترونية التي أطلقتها هاته السنة 38 منظمة حقوقية جزائرية وإقليمية ودولية في الفترة مابين 19 و28 ماي لدعم حرية التعبير في الجزائر وإدانة ما اعتبرته "مساعي السلطات الجزائرية لخنق الأصوات المعارضة والمجتمع المدني المستقل".
هل اطلعتم على تقرير المرصد الأورو متوسطي لحقوق الانسان الذي عبر عن قلقه إزاء الإجراءات التعسفية التي تمارسها السلطات الجزائرية في حق عشرات من معتقلي الرأي أعلنوا إضرابهم المفتوح عن الطعام احتجاجا على تمديد احتجازهم دون مبررات قانونية... ولعلمك أن التقارير الحقوقية والدولية التي تدين القمع والتعذيب وتغييب حرية الرأي بالجزائر كثيرة ومتنوعة، بل إنها تغريدة حزينة لمأساة شعب سترويها أجيال وأجيال..
السيد الوزير، أثار دهشتي واستغرابي أنك تكلمت عن الإنجازات التي تحققت، رجاء تفضل واسردها على مسامعنا، إياك أن تتكلم عن سلاح الخردة، وعن ما يسمى بالدولة داخل الدولة- رغم أن هذا وللأمانة إنجاز يحسب لكم في الفقه الدستوري- إياك السيد الوزير أن تتحدث عن الأموال الطائلة التي أهدرت في شراء الأصوات والضمائر من أجل أحلام لن تتحقق إلا في خيالاتكم وهلوساتكم، إياك أن تتحدث عن الأموال المهربة خارج أرض الجزائر وعن الأحلام المؤجلة لشعب يستحق الأفضل، بل حدثنا عن الإنجاز الغرائبي لدولة نفطية كبرى حققت رقما قياسيا في طوابير الجائعين والمحرومين، وكيف استطاعت عصابة حاكمة أن تبدد ثروة شعب في سبعة أيام!؟ حدثنا عن إنجازات جحافل العاطلين وعن الشباب الذين يموتون غرقا وهم يبحثون عن البديل.. وما من من بديل يا سيدي ما من بديل، سوى قتامة لون داكن سوى زمهرير الجحيم..حدثنا عن الأفواه الجائعة والفرص الضائعة وعن أشجار صامدة تأبى أن تموت..
السيد الوزير، لسنا أعداء لأشقائنا في الجزائر هم إخوتنا وأهلنا، عدوهم السيد الوزير هم سارقو أشعة شمس وأحلام شعب وصباح جميل.
في الأخير السيد الوزير، فعلا وكما صرحتم في استجوابكم أنكم تسيرون بخطى ثابثة إلى الإمام، لكن دعني أقول لك وقلوبنا مع أشقائنا، أنكم سائرون وللأسف بخطى ثابثة إلى الهاوية... والأيام بيننا...