الجزائر-إسبانيا: بعد التجارة جاء دور السياحة... تخبط في أعلى هرم الطغمة العسكرية

DR

في 21/06/2022 على الساعة 13:00

أعلنت الجزائر وقف تعاملاتها التجارية مع مدريد ثم تراجعت وتتحدث عن "مبالغة". هذا الأسبوع، أمرت الطغمة العسكرية منظمي الرحلات السياحية بقطع جميع الروابط مع الدولة الإيبيرية قبل التراجع عن ذلك. وهكذا يصبح "سوء الفهم" أسلوب حكم مثير للقلق...

في تدبير النظام الجزائري لنزاعه مع إسبانيا، في أعقاب دعم مدريد الصريح وغير القابل للنقض لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، فإن التخبط وتراجع الجزائر عن مواقفها أصبحا سيدا الموقف. ففي الوقت الذي لم تخمد نيران التدبير الكارثي للقرار الأول للسلطة الجزائرية القاضي بتعليق معاملاتها التجارية مع إسبانيا، قام هذا النظام باتخاذ قرار جديد، هذه المرة يتعلق بالسياحة.

ففي 19 يونيو، أصدرت المديرية الجهوية لوزارة السياحة والصناعة التقليدية بالبويرة دورية تمنع بموجبها رسميا و "بأثر فوري" منظمي الرحلات السياحية بتعليق جميع علاقات العمل مع إسبانيا. تعتبر الوثيقة أن هذا التعليق الرسمي يندرج في إطار التعليق الفوري من قبل الجزائر وبشكل أحادي الجانب لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي تربطها بمدريد. هذه الوثيقة، الموقعة من قبل مدير السياحة والصناعة التقليدية، صحيحة. لكن ظهرت الآن "مصادر" جزائرية تتحدث مرة أخرى في الصحافة الإسبانية عن "سوء فهم" جديد.

© Copyright : DR

"تبرأت السلطات الجزائرية، يوم الاثنين، من القرار الذي أصدرته مديرية البويرة بوقف جميع عمليات وكالات السفر المحلية مع منظمي الرحلات الإسبانيين"، هذا ما أكده الموقع الإسباني "إيل كنفيدنوسيال" (El Confidencial)، في مقال وقع بوم الاثنين 20 يونيو من قبل المدعو إبغناسيو سيمبريرو، الذي أصبح بلا ريب بوق السلطة الجزائرية.

وحتى الصحافة الجزائرية، التابعة كليا لنظام لا يتسامح مع أي انتقاد، فقدت البوصلة. وهكذا تساءل موقع "كل شيء عن الجزائر" (TSA) كيف يمكن أن تصدر مديرية محلية "توجيها له عواقب وخيمة على العلاقات بين دولتين، وفي خضم أزمة بينهما"، قبل إلغائه.

لذلك فنحن أمام سيناريو مماثل بشكل يبعث على السخرية للتراجع الأول للطغمة العسكرية عن قرارها الأول القاضي بتعليق كل المعاملات التجارية مع إسبانيا. في مذكرة تم نشرها يوم 8 يونيو على نطاق واسع في وسائل الإعلام الجزائرية، أعلنت الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية الجزائرية بالفعل تجميد عمليات التوطين البنكي لعمليات التجارة الخارجية من وإلى إسبانيا. بمعنى أنه لن يكون هناك، وفقا لرغبات الجزائر، لا صادرات ولا واردات للمنتجات مع إسبانيا.

غير أن التحذير شديد اللهجة الصادر عن الاتحاد الأوروبي يوم 10 يونيو 2022 بشأن عواقب القيود التجارية التي فرضتها الجزائر على إسبانيا كان كافيا ليدفع الطغمة العسكرية للتراجع عن قرارها بشكل مثير للشفقة، بل وسارعت، من خلال بعثتها الدبلوماسية في بروكسل، إلى القول بأن إجراءها "هو موجود فقط في أذهان أولئك الذين يطالبون بها وأولئك الذين سارعوا إلى وصمها".

تثير ردود الفعل العشوائية والانفعالية للسلطة الجزائرية في تدبير هذا الملف تساؤلات جدية حول الآليات المتحكمة في اتخاذ القرارات، والتي يتم التبرؤ منها بعد ساعات قليلة من قبل من الأشخاص أنفسهم الذين اتخذوها. تخبط وتراجع عن القرارات في أعلى هرم الدولة، الأمر الذي يثير مخاوف من الأسوأ، ليس فقط بالنسبة للجزائر، التي يبدو أن مركز القيادة فيها الذي يتحكم فيه أشخاص مجنونون، ولكن أيضا بالنسبة لجميع البلدان المجاورة.

لأن ما يبدو أنه أسلوب حكم فوضوي وغريب في نفس الوقت والمتمثل في القيام بخطوة إلى الأمام تعقبها ثلاث خطوات إلى الوراء، لا يبشر بالخير. لذلك تطرح أسئلة مشروعة حول الصحة العقلية للكهول الذين يديرون مقاليد الحكم في البلاد. بهذه الوتيرة، علينا أن نقلق ونتوقع كل شيء من هذا النظام الذي يتخذ قرارا اليوم ويقوم بشكل مفاجئ بإلغائه في اليوم التالي، مع إبداء أسفه وندمه في نفس الوقت.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 21/06/2022 على الساعة 13:00