وقدم الخمار الحديوي، خلال هذه الجلسة التي تواصلت أطوارها داخل محكمة الاستئناف بفاس، روايته حول واقعة الاعتداء عليه وعلى زميله بنعيسى أيت الجيد، وهي الواقعة التي تسببت في وفاة الطالب بنعيسى أيت الجيد بعد مرور أيام على نقله إلى مستشفى الغساني بفاس.
وقال الخمار الحديوي عند تقديمه لشهادته أمام هيئة الحكم بعد أدائه اليمين القانونية، إنه "بتاريخ 25 فبراير من سنة 1993 والذي كان يزامن مع شهر رمضان، كان بمعية الضحية بنعيسى أيت الجيد في اجتماع مع عميد كلية العلوم بظهر المهراز، وبمجرد انتهائهم من الاجتماع قررا مغادرة الكلية في اتجاه حي ليراك بفاس"، مضيفا "عند مغادرتنا للكلية توجهنا نحو محطة الطوبيس لم نجد هنالك أية حافلة، لنقرر التوجه بعدها نحو محطة الطاكسيات الصغيرة بالقرب من الحي الجامعي للإناث، حيث استقلنا سيارة أجرة في اتجاه حي ليراك، وفي الطريق وعند وصولنا إلى مصنع للمشروبات الغازية بحي الصناعي سيدي ابراهيم، اعترض طريقنا مجموعة مكونة من 25 طالبا الذين كانوا يحملون سلاسل حديدية وعصي وأسلحة بيضاء، حيث أرغموا السائق على التوقف وعمدوا على إخراجنا من داخل سيارة الأجرة".
وتابع الخمار سرده لتفاصيل الواقعة، قائلا إنه "عند نزوله رفقة الضحية آيت الجيد من سيارة الأجرة انقسمت المجموعة التي اعترضت طريقنا إلى مجموعتين، المجموعة الأولى تكلفت بضربي والاعتداء علي، فيما تكلفت المجموعة الثانية بضرب بنعيسى أيت الجيد حيث عمدوا إسقاطه على أرض وانهالوا عليه بالضرب أمام أعيني وهو يقول لي "مشيت فيها أخويا الخمار".
وسرد الشاهد أنه "وبعد أن أشبعوا بنعيسى أيت الجيد ضربا وهو ملقى على الأرض، قام عبد العالي حامي الدين بوضع رجله على عنق أيت الجيد ليقوم كل من عمر محب وعبد الواحد الكريول، والكادي توفيق بإسقاط صخرة كبيرة "طروطوار" طولها 80 سنتمتر على رأسه، كانت كافية لتضع حدا لحياته بالمستشفى يوم فاتح مارس 1993".
وأكد الخمار لهيئة الحكم أنه" في تلك الفترة لم يكن يعرف المتهم"، مشيرا أنه "تعرف عليه أثناء فترة اعتقاله رفقة الأخير داخل السجن المحلي عين قاموس بفاس، ما جعله يخبر إدارة السجن بهوية القاتل لبنعيسى أيت الجيد".
وأوضح الحديوي أن "من وضع رجله على عنق أيت الجيد هو المتهم حامي الدين الذي كان رفقة المجموعة التي اعترضت طريقهما وقامت بالإعتداء عليه وعلى المرحوم أيت الجيد".
وقال الشاهد بهذه العبارة: "حامي الدين حط رجلو على عنق بنعيسى أيت الجيد باش يضربوه بالطريطوار على راسو طول ديالو 80 سنتمتر".
ومن بين ما قاله الشاهد للمحكمة أن المعتدين ومن بينهم حامي الدين كانوا يتعاركون فيما بينهم على من له شرف قتل الخونة والكفار في إشارة له وللطالب الراحل آيت الجيد، قبل أن يضيف أنه لولا وصول رجال الأمن لكان هو الآخر في عداد الموتى.
وفي المقابل، أنكر المتهم عبد العالي حامي الدين، ما جاء على لسان الشاهد الخمار الحديوي، مؤكدا للمحكمة أنه بريء من قتل بنعيسى أيت الجيد، براءة الذئب من دم يوسف.
وأقر حامي الدين بوجوده في تلك الفترة بالجامعة داخل مكتبة كلية الحقوق، وأنه تواجده سمع ضجيجا في الخارج ليقرر مغادرة الجامعة قبل أن يجد في الخارج حادث تراشق بالحجارة، ويتعرض على إثر ذلك للإصابة على مستوى الرأس.
وأكد حامي الدين أنه كان بعيدا عن مكان اقتراف جريمة آيت الجيد، ولم يكن يعرف الهالك إلا لحظة نقله إلى مستشفى الغساني بفاس حيث كان يرقد بجانبه داخل أحد الغرف بالمستشفى المذكور.
وعن اتهامه بالمساهمة في القتل العمد في حق الطالب أيت الجيد، قال حامي الدين أن الأمر يتعلق بشكاية كيدية ذات طبيعة سياسية، لها صلة بمنصب القيادي الذي يتبؤه داخل حزب أصبح مؤخرا يتصدر المشهد السياسي ببلادنا.
وفي غضون ذلك، تواصل المحكمة الاستماع إلى أسئلة النيابة العامة ومحامو المتهم وعائلة المطالب بالحق المدني.
ووفق صك الاتهام، فإن المتهم عبد العالي حامي الدين، يتابع من أجل تهمة المساهمة في القتل العمد التي راح ضحيتها الطالب اليساري بنعيسى أيت الجيد سنة 1993، وذلك بناء على القرار الصادر من قاضي التحقيق بنفس المحكمة الصادر في شهر دجنبر من سنة 2018.
وتجدر الإشارة إلى أن محكمة الاستئناف بفاس كانت قد أدانت في السادس عشر من شهر شتنبر 2019، أربعة إسلاميين بالسجن النافذ وذلك على خلفية متابعتهم في ملف منفصل على ذمة نفس القضية، حيث قضت بالسجن النافذ لمدة ثلاثة سنوات نافذة في حق كل من "ع.ك" و"ت.ك" من أجل جناية الضرب والجرح المفضي للموت، فيما قضت بالسجن النافذ لمدة ثلاثة أشهر في حق المتهمين الاثنين المتبقين وهما "ع.ق" و"ع.ع" من أجل الضرب والجرح.