ويعكس هذا الاجتماع، الذي ينعقد بدعوة مشتركة بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة وكاتب الدولة الأمريكي، أنتوني بلينكن، ريادة المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.
وسيشهد هذا الحدث الدولي الهام حضور ممثلي أزيد من 80 دولة ومنظمة دولية، سيبحثون خلاله سبل مواجهة التهديدات التي تطرحها إعادة تموقع التنظيم بالقارة السمراء.
وهكذا، من المتوقع أن يتيح هذا الاجتماع الفرصة لتسليط الضوء على التحديات الأمنية التي تواجهها القارة، خاصة في ظل التوترات والنزاعات العرقية التي تشهدها بعض مناطق القارة، وخاصة منطقة الساحل، وهو ما يمكن استغلاله من قبل تنظيم داعش لجعل هذه المناطق منطلقا جديدا للعمليات الإرهابية ونشر الفكر المتطرف.
وسيشكل اجتماع مراكش، على هذا الأساس، مناسبة لبحث سبل العمل المشترك لمواجهة هذه الأخطار الإرهابية بشتى أشكالها، وكذا تعزيز الاستراتيجيات والقدرات الامنية لبلدان القارة، من أجل إضعاف قدرات تنظيم داعش ودحره.
وتأتي استضافة مراكش لهذا الاجتماع الدولي الهام، لتؤكد الثقة التي تحظى بها المقاربة المتفردة التي طورها المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.
والواقع أن هاته الثقة الدولية ليست وليدة الصدفة، وإنما نتاج استراتيجية استباقية شمولية ومندمجة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف تجمع بين مختلف الجوانب القانونية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، مما يجعل من المملكة بلدا رائدا وشريكا استراتيجيا لا محيد عنه على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وكان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بمحاربة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، قد أكد أن تعاون المملكة مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب "استثنائي"، وأن المغرب يعد شريكا متميزا في دعم وتعزيز مهمة مكافحة الإرهاب.
كما أشار المسؤول الأممي إلى أن التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف الذي يربط مكتبه بالمغرب، "يسهم بشكل أساسي في جهودنا المشتركة الوقائية لمنع ومكافحة الإرهاب في العالم".
وفي دجنبر الماضي، ترأس المغرب بشكل مشترك اجتماع التحالف الدولي ضد داعش من أجل إطلاق مجموعته للتفكير حول إفريقيا والتي تشكل "جهدا إضافيا" في مواجهة التطور المستمر للوضع بالقارة. كما تولى على الخصوص الرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب لثلاث ولايات متتالية، ويحتضن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتكوين في إفريقيا، كما نظم في يونيو 2018، اجتماعا للتحالف الدولي لهزيمة داعش المخصص للتهديد الإرهابي في إفريقيا.
وباعتباره داعما للسلام والأمن والاستقرار في إفريقيا، يسعى المغرب، عبر احتضان هذا الاجتماع، إلى لفت انتباه المجتمع الدولي بشكل عام والتحالف الدولي ضد تنظيم "داعش"، بشكل خاص، إلى ضرورة مواجهة التهديد "المتنامي" للجماعات الإرهابية في إفريقيا.
فقد شهدت استراتيجيات "داعش" مجموعة من التغيرات يسعى من خلالها التنظيم إلى توحيد فروعه الإقليمية، حيث تم إدراج 27 كيانا إرهابيا متمركزا في إفريقيا ضمن قائمة عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بصفتها جماعات إرهابية.
وإلى جانب تعريض أمنها واستقرارها للخطر، يكبد الإرهاب بلدان القارة الإفريقية خسائر اقتصادية ضخمة قدرت بنحو 171 مليار دولار خلال العقد الماضي، وهو ما تترتب عنه انعكاسات مباشرة على الاستقرار السياسي والاجتماعي للدول الإفريقية.
يشار إلى أن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"، الذي تأسس في شتنبر 2014، يهدف إلى القضاء على هذا التنظيم الإرهابي، على مختلف الجبهات، وتفكيك شبكاته ومجابهة مطامعه العالمية. كما يلتزم هذا التحالف الدولي بتدمير البنى التحتية الاقتصادية والمالية لتنظيم (داعش)، والحيلولة دون تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب عبر الحدود، علاوة على دعم استقرار المناطق المحررة من التنظيم.