وقد خصصت الصحف الصادرة غدا الخميس، حيزا هاما لمناقشة هذا الصراع الجديد بين رموز السلفية وأحمد عصيد، إذ نشرت جريدة المساء في عددها ليوم غد دعوة الفيزازي إلى تحريك المتابعة القضائية ضد عصيد بتهمة زعزعة عقيدة مسلم، ونقلت تصريحا للفيزازي خلال محاضرة ألقاها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة، يقول فيه "إن هذا الشخص -يقصد عصيد- يسيء إلى رسول الأمة، ويتحدث عنه كمن يتحدث عن ميسي أو رونالدو، ويطعن في الدين ويعتبره دينا متجاوزا".
لكن بالمقابل نفى الفيزازي أن يكون أهدر دم عصيد أو دعا إلى الانتقام منه، قائلا "نحن لن نحتكم إلا القضاء"، مشددا على ضرورة فتح مجال حوار مع العلمانيين بالإقناع والدليل والحجة، وبوسائل الترغيب والتشويق، بعيدا عن التشدد والقوة" تضيف الجريدة.
أما جريدة الأحداث المغربية، التي كان رئيس تحريرها طرفا في دعوة لهدر الدم من طرف الشيخ عبد الله نهاري، فقد غطت الموضوع بعنوان جاء فيه "الإسلامويون يحرضون ضد أحمد عصيد"، ونقلت خلفيات هذا الصراع، الذي يعود للقاء حضره أحمد عصيد، واعتبر فيه إحدى رسائل الرسول (ص) إلى ملوك الدول الأخرى وهي "أسلم تسلم" ذات مضمون إرهابي بلغة اليوم، مطالبا باستبعادها من المقررات الدراسية.
ونقلت الجريدة ذاتها، رد فعل عصيد حول الواقعة، إذ أكد أنه لم يتعرض بأي إساءة لشخص النبي ولا للعقيدة الإسلامية، قبل أن يضيف "إذا كان الكتاني يعتقد أنه سيفرض وجهة نظره على الناس بإسكات الأصوات المخالفة له عبر تهديدهم فهو واهم، وعليه أن ينتظر إلى أن تقوم دولته ليذبح فيها الناس أو يقتلهم كما يشاء".
الدولة والشأن الديني
الواقع أن هذا النقاش العقيم بين معتركي السلفيين والعلمانيين يسير في طريق مسدود، وهو أمر أماط اللثام عن واقع الشأن الديني ككل في البلاد، فعبارة "أسلم تسلم" وردت في كتاب أقرته وزارة التربية الوطنية، ولو تقدم عصيد بدعوى قضائية ضد الشيخ الكتاني، فسيجد القضاء نفسه في موقف محرج، فلم يغب على الأذهان بعد، كيف أفتى المجلس العلمي بالقتل في حق المرتد، وكيف سارع خطيب مسجد إلى إثارة مفهوم "حرية المعتقد" في الإسلام بحضور الملك.
ومن الواضح أيضا، أن الشيخ الفيزازي لم يقع في فخ "هدر الدم" مستفيدا من درس قضية النهاري والغزيوي، واكتفى بالمطالبة بقتح نقاش ترغيبي مع العلمانيين بعد أن قلم السجن مخالب شيوخ السلفية.