على عكس ما خططت له الجزائر ودميتها بوليساريو، التي عملت منذ أيام على حشد محتجزي ومحتجزات مخيمات تندوف عن طريق الوعيد والترهيب لحثهم على التواجد في استقبال المبعوث الأممي، في محاولة من الانفصاليين لكسب ولو قليل من الشفقة لصالح قضيتهم المفتعلة، فإن المشاهد التي بثتها القنوات الجزائرية حول زيارة دي ميستورا لتندوف أظهرت أن ساكنة المخيمات لم ترضخ لتهديدات قيادات الجبهة بل قاطعت الاستقبال ووضعت بوليساريو في مأزق محرج أمام المسؤول الأممي.
فحسب منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف المعروف اختصارا بـ"فورساتين"، فإن "عزوفا عاما طبع زيارة المبعوث الاممي الى مخيمات تندوف، حيث لم تستجب الساكنة لنداءات جبهة البوليساريو المتكررة منذ أيام، للحث على الحضور والاستقبال" .
وكتب المنتدى على صفحته على "فيسبوك" أن قيادة جبهة البوليساريو وصلتها أصداء المقاطعة الشعبية للأنشطة الرسمية، ورفض الساكنة ممارسة الدور التقليدي في تمثيل مسرحيات القيادة، ولهذا فكرت القيادة في وضع خطة بديلة لتلافي تبعات المقاطعة، واحتواء الموضوع وضمان مرور زيارة المبعوث الأممي على طريقتها.
وهكذا، يضيف المصدر، فقد "أعدت القيادة خطة أمنية محكمة لحشد الجماهير، ورفعت شعار العقاب لعدم الحضور، حيث فرضت على العريفات الحضور ضمن خليات، وهددت بمعاقبة المتخلفات منهن، فيما تم إطلاق حملة لجمع كل الأطفال والتلاميذ وإجبارهم على الالتحاق بمدارسهم قبل نقلهم مشيا على الأقدام لاستقبال المبعوث الأممي، وتوعدت المؤسسات التعليمية التلاميذ المتغيبين أو من يهربون من مكان الاستقبال بالعقوبة وتسجيل الغياب في حقهم".
وحين وجدت جبهة البوليساريو نفسها أمام الأمر الواقع وهي تستقبل المبعوث الأممي، فإنها حاولت استغلال العزوف لصالحها قبل أن تصل أصداء عدم اقتناع الساكنة برأيها، فعمدت إلى توجيه أتباعها ممن أقنعتهم بالحضور أو من فرض عليهم التواجد في الاستقبال خوفا من العقاب، وطلبت من بعضهم التواجد في المقدمة وتمثيل أدوار معينة أمام المبعوث الأممي، فمنهم من يصرخ ومنهم من يبدي غضبه، في مسرحية متفق عليها مسبقا لما يجب أن يقدم أمام المبعوث الأممي للضغط عليه ولتسهيل استفادة القيادة منه لاحقا خلال النقاش معه حول الملف.
ولم تقتصر القيادة على هذا الامر، بل حاولت التأثير على دي ميستورا بشتى الوسائل، ورأت ان توظف الجانب الإنساني من خلال برمجة زيارات لمراكز طبية وفضاءات خاصة بالمعاقين، والأطفال في وضعية توحد، ووضعت هناك من أتباعها من يحسن التمثيل لاستغلال الوضع لمزيد من الإقناع للمبعوث الأممي.
كل هذا دون الحديث عن طريقة استقبال المبعوث الاممي، واقتصاره على قيادات من الصف الثالث، وتأخير اللقاء بإبراهيم غالي إلى الساعة الأخيرة من نهاية الزيارة يومه الأحد، طلبا لمزيد من الوقت وبحثا عن وسائل ضغط أكثر على المبعوث الاممي، ولسان حالها يقول: "إن لم يفلح الاستقبال الباهت فسيفلح الجانب الإنساني، وإن لم يفلح الجانب الإنساني فسينفع الصراخ والعويل" .
وخلص منتدى فورساتين إلى القول: "هذه هي جبهة البوليساريو المسكينة، وهذه حقيقتها التي لم تعد عصية على الفهم، وإن تمكن المبعوث الأممي من التملص من بروتوكول الزيارة وانطلق بنفسه للغوص في متاهات المخيمات، لوجد ساكنة متذمرة ساخطة ليس على الأمم المتحدة وليس عليه كما تزعم جبهة البوليساريو، بل سيجد آلاف الصحراويين الذين ضاقوا ذرعا من القيادة ومن أساليبها البالية، ومن استغلالها للأبرياء دون نتيجة تذكر، لأجل مصالحها ولإطالة النزاع المفتعل، ولكان اكتشف المبعوث الأممي أنه يستطيع أن يجد الحل في كل بقاع العالم ولكنه لن يجده في مكان تديره قيادة العار".