رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري الذي كثيرا ما يقدمه إعلام بلاده بأنه "دبلوماسي محنك" تلقى صفعة داخل الاتحاد الإفريقي. فبغضب شديد، هاجم هذا الرجل الذي يقال إنه شخص هادئ، يوم السبت 16 أكتوبر، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد، دون أن ينسى بطبيعة الحال في عنفوان غضبه "العدو" المغربي والعديد من أصدقائه الأفارقة، بما في ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تتولى حاليا الرئاسة السنوية للاتحاد الإفريقي.
هذه الهستيريا التي أظهرها وزير الخارجية الجزائري تفسر بفشله الذريع في محاولاته، إن لم يكن لإزالة صفة مراقب لدى الاتحاد الإفريقي عن إسرائيل، على الأقل لفرض هذه المسألة خلال مناقشات الدورة التاسعة والثلاثين للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، وهو اجتماع يخص وزراء خارجية القارة، والذي انعقد في أديس أبابا يومي 14 و15 أكتوبر.
على الرغم من أنه لم تسانده إلا أقلية ضئيلة من نظرائه الأفارقة، فإن لعمامرة زعم، أمس السبت 16 أكتوبر، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية، أن موقف بلاده، رغم فشله، حظي بدعم غالبية الدول الإفريقية. "اتفق وزراء تيار الأغلبية الذين يدركون أن الأزمة المؤسسية التي نجمت عن القرار غير المسؤول لموسى فقي تنحو إلى جعل تقسيم القارة أمرا لا رجعة فيه، على طرح المسأله على قمة رؤساء دول الاتحاد الإفريقي المقررة في شهر فبراير المقبل"، بحسب تصريح لعمامرة. ومن بين هذه الأغلبية المزعومة لم يذكر إلا جنوب إفريقيا وممثل البوليساريو.
وبحسب رمطان لعمامرة، "فمن المؤسف حقا أن اقتراح نيجيريا، الذي تم وضعه باتفاق مع الجزائر، والذي يهدف إلى العودة للوضع السابق على الفور، لم يتم قبوله من قبل أقلية يمثلها المغرب وبعض حلفائه، من بينهم جمهورية الكونغو الديمقراطية التي قامت برئاسة منحازة للاجتماع".
وهاجم لعمامرة مرة أخرى موسى فقي، المتهم على حد قوله باتخاذ "قرار مؤسف وخطير"، و"بالمس بشكل خطير بالتراث التاريخي لنضال إفريقيا ضد الاستعمار والميز العنصري"، بل إنه تسبب في "شرخ لا يمكن إصلاحه" لإفريقيا.
موسى فقي، الذي قام بمساعدة لعمامرة، وعينه ممثلا أعلى للاتحاد الإفريقي عندما كان يمر بفترة فراغ، كان حازما في قراره من خلال حسم النقاش بشأن مقعد مراقب الاتحاد الإفريقي الممنوح لإسرائيل. ووفقا له، فإن غالبية الدول الإفريقية تؤيد هذا القرار، في انتظار تأكيده أو رفضه (غير المحتمل) من قبل قمة رؤساء دول الاتحاد الإفريقي، المقرر عقدها في فبراير 2022.
إن رفض المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي لإلغاء القرار المتعلق بإسرائيل هو، في الواقع، ضربة موجعة للجزائر، ولكن بشكل خاص للعمامرة شخصيا، فهو الذي كان يعتقد (بسذاجة) أنه لا يزال يتحكم في دواليب الاتحاد الإفريقي مثلما كان الحال عليه عندما كان رئيسا للجنة السلام والأمن بين عامي 2008 و2013.
لكن وزير الخارجية الجزائري نسي مقولته: أن الدبلوماسية تعكس دائما صورة البلد الذي تمثله. ومع ذلك، فإن دولة مثل الجزائر، وجبتها الداخلية منقسمة تماما، وسلطتها الحاكمة لا شرعية لها، لا يمكنها اليوم، بالتالي، أن تمارس أدنى تأثير في الخارج.
وبحسب إحدى وسائل الإعلام الجزائرية، فإن لعمامرة قد يفقد منصبه، لأنه تسبب في خلق الأزمات فقط بعد حوالي ثلاثة أشهر من عودته إلى وزارة الشؤون الخارجية. كما فشل في المهمة الرئيسية التي كلفه بها النظام السياسي العسكري، وهي مواجهة نفوذ وديناميكية الدبلوماسية المغربية، التي استمرت في تحقيق مكاسب كبيرة منذ عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي في أوائل عام 2017.
وبذلك تؤكد صحيفة "ألجيري بارت" الإلكترونية أن "رئيس الدبلوماسية الجزائرية اعترف بفشل الجزائر في المسألة الحساسة المتمثلة في منح صفة مراقب لإسرائيل داخل الاتحاد الإفريقي". وختمت بالقول: "خطاب لعمامرة يحمل نفحة انهزامية تستدعي وتثير العديد من التساؤلات حول المكانة الحقيقية للجزائر داخل الاتحاد الإفريقي".