منذ توليه السلطة قبل 20 شهرا، لا يزال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ممنوعا على ما يبدو من مغادرة محيط العاصمة الجزائرية للسفر إلى أجزاء أخرى من البلاد. هذا الدور هو من اختصاص رئيس أركان الجيش، الجنرال سعيد شنقريحة، الذي يقوم برحلات مستمرة إلى سويسرا من أجل تلقي العلاج وبزيارات إلى الولايات حيث يأتي في الواقع، بحجة زيارة المناطق العسكرية، من أجل إعطاء الأوامر إلى الولاة، مرؤوسيه المباشرين.
يوم الثلاثاء 28 شتنبر، حل شنقريحة بوهران، حيث ألقى كلمة أمام حضور بزي عسكري. ونظرا لأنه عاجز تماما عن مواجهة المشاكل الخطيرة التي تعاني منها "الجزائر الجديدة"، ولا سيما بسبب اختلاس ثرواتها من قبل كبار ضباط الجيش والأوليغارشية الحاكمة، فقد حاول شنقريحة صرف الأنظار بالتهجم من جديد على المغرب. المملكة متهمة مجدداً بـ"التمادي في المؤامرات والدسائس، وإطلاق حملات من الدعاية الهدامة من أجل تحجيم دور الجزائر في المنطقة واستنزاف قدراتها وتعطيل مسار تطويرها، ومحاولة ضرب وحدة شعبها".
وحسب شنقريحة، فإن "تمسك الجزائر بمبادئها وتصميمها على عدم الحياد عنها أصبح يزعج المخزن، ويعيق تجسيد مخططاته المريبة في المنطقة".
كما اتهم المغرب من قبل شنقريحة - دون أي دليل- بدعم العديد من المعارضين للنظام الجزائري، وجميعهم منفيون في أوروبا.
وصرح شنقريحة قائلا بأن "الأعداء وجدوا ضالتهم في بعض ضعاف النفوس وخونة الأمة، وجندوهم كعملاء لهم في الداخل واستعملوهم كأدوات للوصول إلى مبتغاهم، المتمثل في إضعاف الجزائر من الداخل، والضغط عليها لجعلها تتخلى عن مبادئها الثابتة".
ولوح رئيس الأركان الجزائري بفزاعة "العدو الأجنبي" بهدف خلق جبهة داخلية تصبو إليها الطغمة العسكرية التي لم تنجح في جعل الشعب الجزائري إلى ينساق إلى هذيانها الهستيري ضد المغرب.
وأكد شنقريحة أنه يعتمد على "الشعب الأبي، الذي سيقف مع قيادته ومؤسسات دولته، في كافة الظروف والأحوال، كرجل واحد". ومع ذلك، فإن هذا الشعب يعاني من الحرمان منذ وصول الثنائي شنقريحة-تبون إلى السلطة. فالقوة الشرائية في أدنى مستوياتها في الجزائر، و المواد الغذائية الأساسية مفقودة مثل الدقيق أو الزيت، والسيولة نادرة و قيمة الدينار الجزائري تتهاوى، وهو ما أدى إلى الارتفاع الصاروخي في أسعار المنتجات الأساسية مثل الفواكه والخضروات واللحوم...
كما أن الأطفال الجزائريون المصابون بالسرطان يموتون بسبب نقص الأدوية. حتى الكتاب المدرسي أصبح سلعة نادرة في الجزائر. أمام هذا الواقع، الجزائريون اليائسون يفرون إلى الساحل الإسباني الذي سجل وصولا قياسيا للمهاجرين غير الشرعيين من "الجزائر الجديدة". في شهر شتنبر وحده، عبر ما يقرب من 10000 جزائري البحر الأبيض المتوسط باتجاه إسبانيا.
ولهذا السبب، فإن سعيد شنقريحة يدرك أن الجزائر توجد الآن على فوهة بركان، وأن النظام غير قادر على مواجهة المشاكل التي تجعل الحياة اليومية صعبة على الجزائريين. إن خلق عدو خارجي من أجل محاولة صرف الأنظار عن المشاكل الداخلية هو تكتيك لم يجد له صدى لدى الشعب الجزائري.
إلى أي مدى ستذهب الطغمة العسكرية لفرض أجندتها على الشعب الجزائري؟