وبدخول هذا القانون حيز التنفيذ، بات المغرب يتوفر على إطار قانوني متكامل وحديث يتيح إحداث وتطوير منظومة وطنية للأنشطة الصناعية المخصصة للدفاع والأمن، حيث يحمل هذا القانون بنودا لتشجيع الاستثمار في صناعة المعدات الأمنية والعسكرية تحت وصاية لجنة وطنية أحدثت خصيصا لذلك.
إحداث اللجنة الوطنية لعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة
نصت المادة الرابعة من هذا القانون على تشكيل اللجنة الوطنية لعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة، والتي تتألف من: السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية أو من يمثلها، السلطة الحكومية المكلفة بالشؤون الخارجية أو من يمثلها، السلطة الحكومية الملكلفة بالمالية أو من يمثلها، السلطة الحكومية المكلفة بالصناعة أو من يمثلها، السلطة الحكومية المكلفة بالتجارة الخارجية أو من يمثلها، أربعة ممثلين عن القوات المسلحة الملكية، ممثل عن الدرك الملكي، ممثل عن المديرية العامة للأمن الوطني، ممثل عن إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
وحسب مقتضيات هذه المادة، فيمكن لرئيس اللجنة الوطنية أن يستدعي لحضور أشغالها كل شخص يرى فائدة في مشاركته. فيما تتكلف إدارة الدفاع الوطني بمهام كتابة اللجنة الوطنية، إذ تتولى بعد استطلاع رأي اللجنة الوطنية، منح تراخيص التصنيع للشركة العاملة في هذا المجال، على ألا تتجاوز مدتها 10 سنوات قابلة للتجديد، وهو الترخيص الذي يمكن أن يشمل أنشطة الدراسات والبحث والتطوير المرتبطة بصناعة الأسلحة، كما تتولى الإدارة نفسها منح رخص الاستيراد بعد الحصول على رأي السلطة الحكومية المكلفة بالتجارة الخارجية.
لائحة أنواع العتاد والتجهيزات والأسلحة والذخيرة
صنف القانون العتاد والتجهيزات والأسلحة والذخيرة إلى ثلاث فئات حسب نوعيتها، إذ تضم الفئة "أ": الأسلحة النارية الخفيفة ذات العيار الصغير والأسلحة الرشاشة والمدافع بما في ذلك "الهاويتزر" و"الهاون"، وقاذفات الصواريخ والقنابل اليدوية، إلى جانب جميع أنواع الذخيرة والقنابل والطوربيدات والألغام وأسلحة الليزر ذات القدرات التعطيلية والتدميرية، والمركبات القتالية المصفحة وغير المصفحة والطائرات و"الدرونز"، ومعدات الكشف والتشويش والرؤية الليلية والنظم المعلوماتية المعدة لاستخدامات عسكرية والأقمار الصناعية، بالإضافة للسفن الحربية بجميع أنواعها وكذا مدرعاتها وأبراج مدافعها.
الفئة "ب"، فتضم العتاد والتجهيزات والأسلحة والذخيرة التي يمكن استعمالها في الحفاظ على النظام والأمن العامين؛ على غرار: الأسلحة النارية الخفيفة ذات العيار الصغير، وقاذفات الصواريخ وقاذفات القنابل اليدوية والمركبات المصفحة وغير المصفحة المستخدمة في الحفاظ على الأمن، ومعدات الكشف أو تحديد الموقع الجغرافي أو التشويش على الاتصالات ومعدات المراقبة والتصويب والرؤية الليلة المستخدمة في حفظ النظام، وأسلحة الصعق الكهربائية ومولدات شل الحركة والقنابل المسيلة للدموع ومعدات مكافحة الشغب وغيرها.
الفئة "ج" تضم الأسلحة والذخيرة المخصصة لاستعمالات أخرى كالصيد والرماية الرياضية.
تصوير ومونتاج: عبد الرحيم طاهيري
آفاق الصناعة العسكرية في المغرب
ولتشريح وتوضيح أَبْرز معالم هذه الترسانة القانونية المتعلقة بالصناعة العسكرية في المغرب، قال محمد شقير، باحث في العلوم السياسية والشؤون العسكرية، في حوار أجراه معه Le360، إن المغرب يطمح عبر هذا القانون إلى تخفيض الفاتورة المالية المتعلقة بشراء المعدات العسكرية، حيث سيمنح هذا نوعا من الاستقلالية في الاستيراد، كون هذا الأخير يخضع لعدة شروط وضوابط قبل موافقة الدول على بيع العتاد العسكري المصنع في أراضيها. كما أشار محمد شقير إلى أن الشركات الأمريكية تعد الأقرب للاستثمار في المجال العسكري في المغرب، بحكم الاتفاقيات العسكرية المبرمة بين البلدين، والتعاون الأمني الذي شهد ذروته في السنوات الأخيرة. علاوة على الجاذبية الاقتصادية التي تملكها المملكة المغربية والتي تشجع الشركات الأجنبية على الاستثمار. وأوضح الخبير العسكري أنه من الممكن أن نرى مستقبلا عتادا عسكريا تحت علامة "صنع في المغرب"، إذ أنه بإمكان بلادنا التخصص في بعض الصناعات العسكرية على غرار الذخائر والطائرات المسيرة المعروفة بـ"درون". وكشف شقير أن فتح باب الصناعة العسكرية في المغرب سيؤثر بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني، حيث سيتم استقطاب شركات أجنبية برؤوس أموال كبيرة؛ وهو ما سيخلق رواجا اقتصاديا كبيرا بخلق فرص شغل جديدة، وجلب حصة مهمة من العملة الصعبة، فضلا عن تخفيض الفاتورة العسكرية للمملكة.
هذا وتعد سوق العتاد العسكري من بين الأضخم والأثقل اقتصاديا في العالم، حيث بلغ حجم الإنفاق العسكري العالمي في عام 2020 نحو 1981 مليار دولار، إذ بلغت فاتورة نفقات التسلح في جميع أنحاء العالم 2.4 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي، حسب التقرير السنوي للمعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم "SIPRI" لسنة 2020.
وكشف تقرير المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم "SIPRI" أن المغرب أنفق، خلال العام الماضي، 4.8 مليارات دولار في صفقات اقتناء أسلحة ومعدات عسكرية، لتحتل بذلك المملكة المرتبة الأربعين عالميا.