خلال مروره في برنامج "Grand Format"، أعرب السفير البريطاني في الرباط (منذ شهر شتنبر 2020) عن تفاؤله بخصوص تطور العلاقات بين البلدين، مذكرا بالروابط التاريخية القائمة بين المملكتين.
"أنا سعيد جدا لوجودي هنا في المغرب كسفير بريطاني. لقد كان خياري الأول أن أكون هنا في هذا الوقت المهم جدا بالنسبة لنا وللعلاقات بين بلدينا. تعود علاقاتنا الدبلوماسية إلى ثمانية قرون، مع توقيع أول اتفاقية بين قادة مملكتينا في عام 1213. كما أن علاقتنا الاقتصادية لها تاريخ طويل جدا، حيث تم توقيع أول اتفاقية بيننا في فاس عام 1721"، بحسب ما أوضحه سيمون مارتن، الذي أكد إنه وقع في حب المغرب، عندما أتى مع زوجته قبل ست سنوات لقضاء شهر العسل.
أول إعلان قوي في هذه المقابلة، كما يتضح ذلك من المقتطف من هذا الحوار الذي تم بثه يوم أمس على Le360، وهو إجراء مناورات عسكرية مشتركة في أكتوبر المقبل. ستتميز هذه التدريبات بوجود أكبر حاملة طائرات في البحرية الملكية وأكبر سفينة حربية في أوروبا والتي تحمل اسم "HMS Queen Elisabeth".
بالإضافة إلى التعاون في مجال الدفاع، أكد سيمون مارتن على العلاقات التجارية القوية القائمة بين البلدين في مجالات الزراعة والسياحة والسيارات وصناعة الطيران وكذلك النسيج والخدمات المالية.
"المبادلات بيننا مهمة للغاية. بالنسبة للمملكة المتحدة، المنتجات الرئيسية المصدرة هي النفط المكرر والغاز والسيارات وقطع غيار الطائرات وما إلى ذلك. من ناحية أخرى، فإن الجزء الأكبر من صادرات المغرب إلى المملكة المتحدة يتمثل في الخضر والفواكه الطازجة، وهي ضخمة. كل يوم تخبرني والدتي، رأيت الخوخ والليمون وخاصة الطماطم والزيتون المغربي في السوق التجارية الكبير.
هناك أيضا سيارات وأجزاء من السيارات والطائرات وخاصة الملابس المصنوعة في المغرب الموجهة تحديدا للسوق البريطاني"، يشير سفير المملكة المتحدة الذي يوضح أن هذه العلاقات ليست سوى نقطة انطلاق للعلاقة الاقتصادية الجديدة، مع دخول اتفاقية الشراكة حيز التنفيذ في بداية عام 2021، والتي تم التوقيع عليها بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
أتاح توقيع هذه الاتفاقية الحفاظ على التجارة بين البلدين، التي كانت حتى الآن محكومة بالاتفاقية الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وصرح سيمون مارتن أيضا بالقول: "لدينا اقتصادات متكاملة للغاية، وبهذه الاتفاقية قمنا بوضع بنية لتحديد القطاعات حيث يمكننا تغيير القواعد وشروط علاقتنا الاقتصادية لزيادة الفرص للمستثمرين المغاربة في المملكة المتحدة، والعكس صحيح".
وبدا السفير البريطاني متفائلا ودعا إلى المزيد من التآزر بين الاقتصادين، مستندا إلى العلاقات القوية وتاريخ البلدين لاستكشاف سبل جديدة، خاصة في القارة الأفريقية.
وأوضح بهذا الخصوص قائلا: "على سبيل المثال، يمكننا أن نتخيل وجودا أقوى للشركات المالية البريطانية هنا في القطب المالي بالدار البيضاء. تقليديا، نحن نعمل مع البلدان الأفريقية الناطقة باللغة الإنجليزية والمغرب مع البلدان الناطقة بالفرنسية، لذلك يوفر هذا بابا لشركاتنا إلى إفريقيا الناطقة بالفرنسية، وكذلك طريقا بديلا للشركاء المغاربة للسوق الناطق باللغة الإنجليزية. هذه هي رؤيتنا المشتركة، ونحن نبني على تلك الرؤية".
حددت المملكة المتحدة عدة قطاعات في المغرب لتعزيز التجارة بين البلدين والاستثمارات.
وصرح السفير البريطاني قائلا: "هناك عدة قطاعات (للتبادل، ملاحظة المحرر)، لكن أهمها الزراعة وتحلية المياه وتدبير المياه، وخاصة مجال الطاقات المتجددة. المغرب دولة رائدة عالميا في الطاقات المتجددة، وهناك المزيد والمزيد من فرص الاستثمار في هذا القطاع. هناك اقتراح ونحن نعمل من أجل أن ينجح، وهو استثمار بالغ الأهمية لتوليد الكهرباء من الطاقات المتجددة في المغرب، وتصديرها إلى المملكة المتحدة".
هناك طاقة متجددة أخرى تهتم بها المملكة المتحدة وهي الهيدروجين الأخضر.
وفي هذا الصدد، قال سيمون مارتن: "الهيدروجين الأخضر صناعة جديدة نوعا ما أصبحت مهمة جدا عندنا وبفضل توافر مصادر الطاقة المتجددة هنا يمكننا أن نأمل أن يصبح المغرب مركزا لتطوير هذه التكنولوجيا".
وكما أُعلن في مقتطف ثان بث أمس على Le360، سيبدأ تشغيل خط بحري جديد مباشر يربط بين ميناء طنجة المتوسط وميناء بول (Poole) في جنوب المملكة المتحدة في شتنبر 2021. وستبدأ الخدمة الأسبوعية المقدمة من شركة United Seaways والتي ينبغي، وفقا للدراسات القبلية التي أجرتها الحكومة البريطانية، تسجيل حركة مرور تزيد عن نصف مليون حاوية سنويا.
في مجال التعليم، المملكة المتحدة هي نموذج. مع جامعاتها المرموقة المعترف بها في جميع أنحاء العالم، تجذب كل من إنجلترا واسكتلندا وإيرلندا العديد من الطلاب المغاربة، لكن هذا لا يكفي، بحسب السفير البريطاني.
وأكد قائلا: "على مدى العامين الماضيين، زاد عدد الطلاب المغاربة في المملكة المتحدة بأكثر من 25 ٪. يوجد حاليا 1000 طالب مغربي في الجامعات البريطانية، لكن يجب أن نجتاز قريبا حاجز 2000. هذا لا يزال غير كاف مقارنة بالطلاب الذين يذهبون للدراسة في فرنسا على سبيل المثال. لدينا أربع مدارس بريطانية في المملكة اليوم، ولكن سيكون هناك المزيد مستقبلا. صحيح أن التعليم العالي مكلف في المملكة المتحدة، لكننا وضعنا عددا من الإجراءات، مثل المنح الدراسية. وابتداء من العام الدراسي المقبل، في شتنبر، سيكون من الممكن الالتحاق بالسنة الأولى في أي جامعة بريطانية في المغرب".
وفي هذا الصدد أعلن السفير البريطاني فتح باب تقديم الترشيحات لمنح "تشيفنينغ" للدراسة في المملكة المتحدة.
وردا على سؤال حول قضية الصحراء وموقف المملكة المتحدة في هذا الصدد، بعد اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء، أشار سايمون مارتن إلى أن موقف الحكومة البريطانية كان، لفترة طويلة، هو دعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة.
وأوضح قائلا: "بالنسبة لنا كبلد عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، لسنا طرفا مباشرا، لكن لدينا مسؤولية والتزام لإيجاد حل داخل الأمم المتحدة. نحن دائما إيجابيون وبناؤون، وهذا الأمر سيستمر".
قبل اختتام هذا اللقاء، رغب سيمون مارتن في التأكيد على الروابط القوية والتاريخية الموجودة بين العائلتين الملكيتين.
وقال "هناك صلة وثيقة بين العائلتين الملكيتين في بلدينا، فهما يلعبان دورا مهما للغاية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، إلخ. بالنسبة لي، هذا بعد آخر لعلاقتنا وهدفي هو البناء على أساس هذه العلاقة. آمل أن أرى المزيد من التفاعل بين مؤسساتنا التي تحظى بدعم ملكي. تكونت لدي هذه الصورة أكثر فأكثر لا للمملكة المتحدة، ولكن للمملكتين المتحدتين".
تصوير وتوضيب: عبد الرحيم الطاهيري