قضية بيغاسوس.. النظام الجزائري يستجدي الدعم الدولي

DR

في 23/07/2021 على الساعة 11:29

تحاول وزارة الخارجية الجزائرية الركوب على قضية"بيغاسوس"، وهي قضية التجسس المزعومة، للمطالبة بـ"جهد دولي" ضد المغرب. وهكذا، فإن الطغمة العسكرية، غير القادرة على ضمان الأمن الوطني، تتخلى عن سيادة الجزائر.

أصدرت النيابة العامة الجزائرية ثم وزارة الشؤون الخارجية، التي يرأسها رمطان لعمامرة منذ 8 يوليوز، بيانين صحفيين مساء أمس الخميس 22 يوليوز 2021 بشأن قضية التجسس المزعومة واختراق هواتف جزائرية من قبل برنامج التجسس بيغاسوس.

جاء البيان الصحفي الأول للإعلان عن أن النائب العام في محكمة سيدي امحمد سيئة السمعة في الجزائر العاصمة أمر "بفتح تحقيق ابتدائي حول وجود نظام استخبارات معلوماتي للاستماع والتجسس يستهدف مصالح الجزائر، وكذلك مواطنين وشخصيات جزائرية". وبدون ذكر اسم المغرب، اقتصر هذا البيان الصحفي على الحديث عن تواطؤ داخلي محتمل "لصالح قوة أجنبية".

وفي الوقت الذي حرصت النيابة العامة الجزائرية على استعمال أسلوب الشرط، من خلال التأكيد في بيانها على أن "هذه الوقائع، إن ثبتت، تشكل جرائم يعاقب عليها القانون الجزائري"، فإن البيان الصحفي الصادر عن وزارة رمطان لعمامرة، بعد ساعة من بيان النيابة العامة، اختار طريقة جعلت الجزائر موضع سخرية واستهزاء.

"تعبر الجزائر عن قلقها العميق بعد كشف مجموعة من المؤسسات الإعلامية ذات السمعة المهنية العالية عن قيام سلطات بعض الدول، وعلى وجه الخصوص المملكة المغربية، باستخدام واسع النطاق لبرنامج التجسس المسمى بيغاسوس ضد مسؤولين ومواطنين جزائريين، إلى جانب صحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، معربة عن إدانتها الشديدة لهذا الاعتداء الممنهج والمرفوض على حقوق الإنسان والحريات الأساسية"، بحسب ما ورد في بيان وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية نشرته وكالة الأنباء الرسمية.

لنتجاوز سخافة رد الدولة الجزائرية المبني فقط ادعاءات تناقلتها الصحافة، ولنغض الطرف عن حقيقة أن النظام يبدو وكأنه منزعج من التجسس، وهو أمر شائع وعادي منذ زمن بعيد. ولنتجاوز، هناك أيضا، حقيقة أن المغرب قد نفى نفيا قاطعا جميع تلك المزاعم والأكاذيب التي تناقلتها وسائل الإعلام الدولية، ودعونا نتناول قليلا ما ورد في هذا البيان الصحفي الذي يعكس حقيقة الوضع في جزائر عام 2021. هل النظام الجزائري عاجز عن إجراء تحقيقات قادرة على تحديد ما إذا كانت هواتف كبار ضباط الجيش والوزراء والأوليغارشية ولعمامرة نفسه قد اخترقها المغرب؟ إذاً هذه الدولة لا تملك الموارد البشرية والتقنيات للتحقيق، كما يفترض أن تفعل، في المعلومات التي تناقلتها الصحف؟

لكن هناك ما هو أسوأ. يتابع البيان الصحفي على النحو التالي: "وبما أن الجزائر مستهدفة بشكل مباشر بهذه الهجمات، فإنها تحتفظ بالحق في تنفيذ استراتيجيتها للرد وتبقى مستعدة للمشاركة في أي جهد دولي يهدف إلى إثبات الحقائق بشكل جماعي وتسليط الضوء على مدى وحجم هذه الجرائم التي تهدد السلم والأمن الدوليين، فضلا عن الأمن الإنساني".

ولكن عن أي جهد دولي يتحدث بيان الخارجية الجزائرية؟ استنكرت وسائل الإعلام التجسس غير المؤكد على الهواتف الذكية لرئيس أركان الجيش السابق والحالي في الجزائر، وهما على التوالي قايد صالح وسعيد شنقريحة، ورئيسا المخابرات، بشير طرطاق وواسيني بوعزة، وشقيق الرئيس الذي حكم البلاد خلال آخر ولايتين من فترة حكم عبد العزيز بوتفليقة، وشخصيات مهمة في النظام وغيرها... رد فعل الحكومة الجزائرية: الدعوة لـ"جهد دولي"!

لكن أين ذهب "الكبرياء" الجزائري الشهير؟ يا له من إفلاس! يا لها من كارثة! الطغمة العسكرية الحاكمة، غير القادرة على ضمان الدفاع عن الأمن الوطني، تتنازل عن سيادة الجزائر وتطالب بالحماية الدولية. لأن هذا هو ما يستشف مما ورد في بيان الخارجية عندما عبرت هذه الأخيرة عن رغبتها في "المشاركة في أي جهد دولي".

أما بالنسبة لحق الجزائر في "تنفيذ استراتيجيتها للرد"، فإن هذا الرد لا يمكن إلا أن يكون بعيد الاحتمال، بالنظر إلى عجز النظام الواضح عن حفظ الأسرار. وهذا الأمر لم يبدأ مع بيغاسوس. فقد فرّ قرميط بونويرة، السكرتير الخاص السابق لرئيس الأركان السابق ونائب وزير الدفاع، قايد صالح، من الجزائر وهو يحمل معه ملفات مصنفة على أنها من أسرار الدفاع وسلمها إلى البلدان التي مر منها أو أقام فيها. فمع نظام بيغاسوس أو بدونه، أصبح النظام العسكري الذي يحكم الجزائر بالتأكيد بيتا من زجاج بالنسبة للعديد من البلدان.

كما أن الجنرال عبد القادر لشخم، الذي كان من المفترض أن يؤمن الاتصالات في الجزائر، قام باقتناء معدات إلكترونية غير فعالة، واختلس مبلغ 2 مليار دولار في هذه العملية. تم الزج به في السجن مع العديد من الضباط السامين الفاسدين. دفع الفساد المستشري بين الجنرالات بلدا غنيا بالموارد الطبيعية إلى العصور الوسطى. والدليل على ذلك هو ترتيب الجزائر من حيث سرعة الإنترنت... سرعة مثل سرعة المشي لسلحفاة: هذا هو أفضل درع جزائري ضد أي هجوم إلكتروني. من المؤكد أن برنامج بيغاسوس قد يتعطل بمثل هذا التدفق البطيء في الإنترنت.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 23/07/2021 على الساعة 11:29