بعد التشويق الذي استمر بضعة أسابيع، حصل المغرب أخيرا على مراده. فالمملكة تلقت الدفعة الأولى من لقاح Covishield، اللقاح الذي طورته "أسترازينكا" وجامعة أكسفورد. ومن المتوقع أيضا وصول شحنة ثانية من اللقاح الصيني، الذي طورته شركة "سينوفارم" يوم الأربعاء 27 يناير. وهكذا، ومن المنتظر أن تنطلق في الأيام المقبلة حملة التلقيح التي طال انتظارها.
من أجل إطلاق هذه العملية غير المسبوقة، فإن الجانب اللوجستي أصبح جاهزا. منذ 9 نونبر الماضي، أصدر الملك محمد السادس تعليماته بإطلاق الاستعدادات لهذه الحملة التي يستفيد منها مجانا كل المغاربة الراغبين في التلقيح.
كما هو الحال في جميع المراحل التي ميزت هذه الأزمة الصحية غير المسبوقة، أكد الملك أن الحفاظ على حياة المغاربة هو أولوية وطنية. فمنذ شهر غشت الماضي، أجرى اتصالات شخصية مع السلطات الصينية لإشراك المملكة في التجارب السريرية للقاح "سينوفارم"، والتي شارك فيها 600 متطوع مغربي. كما أعطى تعليمات صارمة للسلطات الصحية لاقتناء اللقاحات، لا سيما لقاح "أسترازينيكا".
إن هذه المقاربة الحكيمة والاستباقية لملك دولة مهتم بصحة مواطنيه هي التي مكّنت المغرب من ضمان موقع في هذا السباق العالمي للحصول على اللقاح. يمكن للمغاربة أن يفخروا بأن يكونوا من بين أول الأفارقة الذين يتم تلقيحكم. لأن المملكة سبقت قوى قارية كبرى مثل جنوب إفريقيا ونيجيريا ومصر (التي لم تتلق سوى تبرعا رمزيا من الإمارات العربية المتحدة)، أو حتى دول أخرى تعتقد أنها مازال لها نفوذ، مثل الجزائر.
في هذا البلد المجاور، كان الكهول المتحكمون في السلطة يحسدون دائما ديناميكية وبراغماتية المملكة المغربية. فسبب عدم قدرتهم على تقديم نفس أسلوب الحكم لمواطنيهم، بالكفاءة التي ترافقه، فهم لا يجدون أفضل من السعي لتشويه سمعة المملكة المغربية باختلاق أخبار كاذبة.
في نونبر الماضي، بينما كانت المملكة تضم الإجراءات العملية للقيام بحملة التلقيح التي كان من المفترض تبدأ حينها، كانت السلطات الصحية الجزائرية تستهزئ من المقاربة المغربية. وقال كمال الصنهاجي، المدير العام للوكالة الجزائرية للأمن الصحي: "في المغرب، يراهنون في الكازينو". ثم أراد أن يوضح أن "الجزائر لديها مقاربة أكثر حذرا التي يمكن مقارنتها بما يحدث في بقية دول العالم، ولا سيما الدول الأوربية. نحن جميعا ننتظر نتائج اللقاحات".
في الواقع، هذا المسؤول، مثله مثل العديد من المسؤولين في الجزائر الذين لا يعرفون ماذا يعملون. داخليا، لا بد أنه منزعج من جمود صناع القرار الحقيقيين في وزارة الدفاع وقصر المرادية، الذي يمر بمرحلة جديدة من فراغ السلطة.
تتذكرون حينها أن الرئيس عبد المجيد تبون كان في شهره الثاني في المستشفى في ألمانيا، حيث تم نقله على عجل. لم يبدأ الرئيس البالغ من العمر 70 عاما في الحديث عن إطلاق استراتيجية التلقيح إلا بعد أن استيقظ من التخدير في نهاية دجنبر. لقد فات الأوان بعض الشيء: فقد توسل وزراؤه للشركات من أجل الحصول على اللقاحات، لكن بدون جدوى. حتى بالنسبة لسبوتنيك V، أخبرهم الروس أنه لا يزال يتعين عليهم الانتظار. وقائمة الانتظار طويلة ...
بالرغم من عدم توفرهم على اللقاح، قال وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، الذي لا يكل من الكلام، لنظيره التونسي عثمان جراندي، إن الجزائر ستقتسم مع تونس اللقاحات المضادة لوباء كوفيد-19. وزير الخارجية التونسي، الذي ربما لا يعرف بعد تناقض المسؤولين الجزائريين، أكد للصحافة: "أكد لي وزير الخارجية الجزائري أن بلاده لم تتلق بعد اللقاح. لكنه أكد لي أنه عند استلام الدفعات الأولى، سيتم تقاسمها مع تونس". منذ ذلك الحين، بدأ الاضطراب والتضارب في التصريحات في الجزائر. وهكذا أوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة الجزائرية أن "الفائض" في اللقاحات فقط سيقتسم مع "الأشقاء التونسيين". من الواضح أن تونس ستتلقى دفعاتها الأولى من اللقاح قبل الجزائر.
هذه المرحلة الخاصة بالتلقيح هي مثال حي للخدعة الجزائرية الكبرى. في هذا البلد لا تسير الأمور على ما يرام: حتى السردين أصبح سعره في الأسواق يزيد الآن عن 8 يورو للكيلوغرام. أما اللحوم الحمراء فقد حظر استيرادها حتى يتم اقتصاد العملة الأجنبية القليلة المتبقية لشراء الأسلحة وتمويل البوليساريو. وهذا ما سيؤدي إلى نقص الغذاء وتدهور المناخ الاجتماعي... المتوتر أصلا، مثل الجنرال الجزائري الذي يلعب الروليت الروسي.