مقطع فيديو نشره مؤخرا موقع algargarat.com على صفحته على فيسبوك، يظهر فيه بوضوح مجموعة من الأطفال، يبلغون بالكاد عشر سنوات، يخضعون لتدريب عسكري قاسي بأوامر من الانفصاليين والجيش الجزائري، وهو ما أثار رد فعل منظمات حقوق الإنسان.
وآخر رد فعل هو ذلك الصادر عن المركز الأوروبي للسلام وحل الصراعات الذي صدم من شريط الفيديو الذي يظهر "أطفالا من تندوف يتم شحنهم ويتدربون على استعمال الأسلحة". وأضاف أن "ما لا يقل عن 100 طفل صحراوي تم نقلهم إلى حقول الألغام من قبل جبهة البوليساريو، التي عُرفت بتجنيد الأطفال. يبدأ تجنيدهم في سن العاشرة ويتم استخدام هؤلاء الجنود-الأطفال كآلات حرب والذين قد يقتلون حتى أقاربهم وأصدقائهم".
هذا الفيديو، الذي أكد محتواه أيضا العديد من الصور التي لا تتردد فيها البوليساريو في استعراض أطفال مسلحين يرتدون الزي العسكري، أثار أيضا غضب منظمة دولية لحقوق الإنسان مقرها في الولايات المتحدة الأمريكية والتي يستشيرها عادة الأمم المتحدة. وبحسب مقال نشر يوم 11 يناير في موقع Libe.ma، انتقدت المنظمة غير الحكومية الأمريكية "استغلال البوليساريو للأطفال في" الدعاية الحربية" على خلفية التوتر السياسي في المنطقة". وهذا التوتر الذي افتعلته الجزائر والبوليساريو منذ إعادة النظام في معبر الكركرات من قبل القوات المسلحة الملكية يوم 13 نونبر الماضي.
إن تجنيد الأطفال من قبل البوليساريو يعتبر جريمة حرب، لأنها تخرق كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الأطفال، خاصة عندما في حالة نزاع مسلح.
يوم 4 يناير الجاري، أدان التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات (AIDL)، هو منظمة غير حكومية فرنسية موجودة في عدة عواصم أوروبية وفي نيويورك، بشدة، في بيان صحفي، بتجنيد الأطفال واستغلالهم من قبل البوليساريو "بإقحامهم في مناطق الصراع والحرب، لأنها جريمة دولية تتطلب ملاحقة ومراقبة دولية لجميع المتورطين".
هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي في مخيمات تندوف هو السمة المميزة للحركات الانفصالية، ويذكرنا بمأساة الجنود الأطفال في الحروب الأهلية الأخيرة في ليبيريا وسيراليون، والتي لا تزال في المهد في جمهورية إفريقيا الوسطى أو جمهورية الكونغو الديمقراطية، من بين دول أخرى، حيث يتم تحويل الأطفال، الذين غالبا ما يتم شحنهم، من أجل تحويلهم إلى آلات قتل حقيقية، ولكن أيضا إلى ضحايا لهذه الحروب.
إن تجنيد الأطفال يدل على نقص في الرجال، ومن الواضح أن هذه المشكلة هي التي تعاني منها البوليساريو، إذ أن "جيشها" يتكون من أشخاص ضعفاء مثل الأطفال دون سن 18 والنساء وكبار السن، ولكن أيضا المهاجرين من جنوب الصحراء ومرتزقة آخرين.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه في شهر شتنبر 2014، أطلقت جمعية منتدى الطفولة، وهي منظمة غير حكومية مغربية مقرها في الرباط، عريضة على شبكة الإنترنت لتوعية المجتمع الدولي بوضع الأطفال الصحراويين الذين يعيشون في مخيمات لحمادة. وطالبت هذه العريضة بفتح تحقيق برعاية الأمم المتحدة لإلقاء الضوء على محنة الأطفال الذين يعيشون في مخيمات البوليساريو".
وأكدت العريضة التي وجهت حينها إلى الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة من أجل الأطفال والنزاعات المسلحة، الجزائرية ليلى زروقي، أن "حقوق الأطفال هي أولا وقبل كل شيء التعليم والصحة وبيئة صحية والترفيه والسكن اللائق".
لكن لا ينبغي استبعاد أنه من خلال عرض هؤلاء الأطفال المجندين عن عمد، فإن البوليساريو تحاول صدم الرأي العام وبالتالي الترويج لحربها الوهمية الحالية، من أجل أن تورط الاتحاد الأفريقي ودفعه إلى تبني من جديد قضية الصحراء بحجة ضرورة "إسكات صوت البنادق".