الجزائر: إعادة الاعتبار لجنرالات سابقين يعطي الانطباع باستعادة الدولة العميقة

خالد نزار، جنرال جزائري متقاعد

خالد نزار، جنرال جزائري متقاعد . DR

في 25/12/2020 على الساعة 17:00

الجنرالان السابقان القويان خالد نزار والجنرال محمد مدين المعروف باسم توفيق، عادا إلى الواجهة في الجزائر، فالأول عاد من المنفى والثاني خرج من السجن، بعدما أراحهما الجنرال الراحل أحمد قايد صالح. إنهما يستعدان للعب دور رمزي للشخصيات التي توحي باستعادة الدولة العميقة.

غادر الجزائر هاربا، وعاد إليها بشرف. وفي الوقت الذي كان فيه الجزائريون ينتظرون عودة الرئيس عبد المجيد تبون، الذي يدعي أنه يتعافى من مرضه الخطير، نزل الجنرال السابق خالد نزار، هاربا لمدة عام ونصف في إسبانيا، يوم 11 دجنبر في مطار بوفاريك العسكري على متن طائرة رئاسية جزائرية.

بعد مروره أمام تشكيلة من كبار الضباط الجزائريين الذين جاءوا للترحيب به على مدرج المطار، وحتى قبل أن يصل إلى منزله، ذهب خالد نزار مباشرة للتهكم على قضاة بلاده. وهكذا، توجه تباعا إلى المحكمة العسكرية في البليدة لـ"تمزيق" والدوس على وثائق عقوبته الغيابية بعشرين سنة سجنا، ثم إلى محكمة سيدي محمد لإلغاء إدانته بتهمة تبييض الأموال المرفوقة بمذكرة توقيف دولية صدرت بحقه.

حتى لو لم يتم الإعلان رسميا عن عودة وزير الدفاع الجزائري السابق ورئيس أركان الجيش السابق، فقد أكدت بعض وسائل الإعلام الجزائرية وجود خالد نزار في منزله في الجزائر. هل يمكن أن تكون هذه العودة سبب ظهور عبد المجيد تبون المفاجئ على تويتر في 13 دجنبر؟ على أية حال، عاد نزار، الذي كان يحمل جواز سفر دبلوماسي جديد، إلى الجزائر قبل 48 ساعة فقط من الخرجة الإعلامية لتبون، الذي لم يظهر في أية تظاهرة عامة منذ 59 يوما.

محمد مدين، الملقب بتوفيق، غادر السجن أيضا منذ عدة أشهر وعاد إلى منزله، بعدما كان قد نقل قبل ذلك إلى فيلا-عيادة عسكرية في الجزائر العاصمة، حيث خضع لعملية جراحية في الأسابيع الأخيرة، وفقا لتصريحات محاميه. والأكثر من ذلك، كما أن مراجعة محاكمته في يناير المقبل هي مقدمة لتبرئته بشكل نهائي مع جميع رفاقه في الزنزانة، بمن فيهم...سعيد بوتفليقة، وربما أيضا الجنرال طرطاق وكذلك الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون التي لا نعرف كيف انتهى بها المطاف في وسط هذه الشخصيات الأربعة.

هناك شيء واحد مؤكد: إعادة الاعتبار للثنائي نزار-توفيق يدل على الأزمة العميقة التي تمر بها الجزائر. "المسؤولون حاليا في البلاد أظهروا عدم قدرتهم على مواجهة الأزمات الخطيرة التي تمر بها البلاد.

الهزائم الديبلوماسية للجزائر، ولا سيما مع تأمين المعبر الحدودي بين المغرب وموريتانيا في الكركرات واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب كلها أمثلة تدل أبانت على تراجع المخابرات الجزائرية وشلل في توقع التغيرات الجيوستراتيجية التي تضعف وتعزل الجزائر"، هكذا علق مصدر دبلوماسي في الجزائر طلب عدم ذكر اسمه. وأضاف: "إن النظام الجزائري، الذي أهان رجال دولة مثل رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، يسعى الآن إلى إعادة تأهيل عمق الدولة من خلال إعادة الاعتبار لأولئك الذين تعرضوا للإهانة".

هل سيكون هذا الأمر كافيا لإصلاح الأمور؟ "بالنظر إلى العمر المتقدم جدا للجنرالين المذكورين والشرخ العميق، يجب تفسير إعادة الاعتبار هذه على المستوى الرمزي أكثر من تفسيرها من حيث المشاركة في تدبير الشأن العام، إذ أن أولئك الموجودين حاليا في الحكم لن يسمحوا بذلك بأي حال من الأحوال"، يختتم مصدرنا.

كان هناك "شرخ عميق"، والدليل على ذلك أن خالد نزار نفسه دعا في مقطع فيديو، نشر على موقع يوتيوب، يوم 9 غشت 2019، الجيش الجزائري إلى إسقاط السلطة، مما تسبب في انقطاع شبكة الإنترنت في جميع أنحاء البلاد، وهو الانقطاع الذي استمر لمدة أربع ساعات.

أما الجنرال توفيق، الذي كان يدعى أيضا بـ"رب دزاير"، فقد عانى أثناء سجنه من الإهانات إلى درجة أن أسرته أطلقت التماسا في أبريل الماضي، لطلب "الإفراج عن المعتقل السياسي والرأي اللواء المتقاعد والمجاهد السابق محمد مدين المعروف بتوفيق البالغ من العمر 79 عاما والذي حكم عليه ظلما بالسجن 15 عاما من قبل القضاء العسكري لاستجابته لدعوة لإبداء رأيه في الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد".

إن الانتقال من "رب دزاير" إلى المصطلح الأقل إرضاء "سجين سياسي والرأي" يحدث بعض الفوضى...

تهدف إعادة الاعتبار اليوم لهاتين الشخصيتين إلى إعطاء وهم وجود "جبهة داخلية"، وقبل كل شيء إعادة عمق الدولة. لكن هذا القرار جاء متأخرا لأن الرجلين أثبتا أنهما قادرين على الشروع في سياسة الأرض المحروقة المحفوفة بالمخاطر من أجل إنقاذ أنفسهما.

علاوة على ذلك، أدت الصراعات التي لا نهاية لها داخل الجيش الجزائري إلى إضعاف هذه المؤسسة بإبعاد العديد من الضباط من خلال لعبة التحالفات والنفوذ.

ووعيا بالأزمة الخطيرة التي يمر بها الجيش الجزائري، أعادت قيادة الأركان العامة عددا من كبار ضباط الدرك الوطني والشرطة الوطنية الجزائرية والحرس الجمهوري الذين تقاعدوا تلقائيا إلى مناصبهم. بل إن بعض هؤلاء الضباط الكبار استفادوا من الترقية في الرتبة. إذا كان استدعاء هؤلاء المتقاعدين قد أثار أصداء إيجابية داخل الجيش الجزائري، غير أن ذلك لا يعني عدم وجود توترات كبيرة وبأن قرارات وسلطة سعيد شنقريحة، رئيس الأركان، أصبحت تتعرض للانتقاد.

وهكذا، فإن أسلوب تدبير سعيد شنقريحة أصبح موضع انتقاد علني من قبل اللواء عمار عثمانية، قائد القوات البرية. كما لم يتردد الضابط الأعلى رتبة في الجيش الجزائري، الجنرال بنعلي بنعلي، رئيس الحرس الجمهوري، الذي يضم 12500 من أفراد القوات الخاصة الذين يتجولون في العاصمة، في مقاطعة الاجتماعات التي نظمتها في مطلع دجنبر ضباط كبار في الجيش الجزائري برئاسة سعيد شنقريحة.

في ظل هذا الجو المضطرب داخل الجيش الجزائري تمت إعادة الاعتبار لهذين الشخصيتين النافذتين توفيق (80 عاما) ونزار (83 عاما). لكنهما يعودان في أي وضعية؟ منهكين بطبيعة الحال بعد المصاعب التي لا يمكن تصورها التي تحملوها بعد حملة التطهير والانتقام الذي أطلقها المرحوم أحمد قايد صلاح. إن إعادة الاعتبار لهما دليل على أخطاء وتوبة عابرة للنظام الجزائري الذي لم يعد يتردد في إهانة رجالاته.

إن الصورة المروعة لأحمد أويحيى، الذي ظهر مكبل اليدين، محاطا بعشرات من رجال الدرك في جنازة شقيقه، هي تعكس صورة بلد يعاني من خلل في عمق الدولة. ومع ذلك، فإن هذا النقص في عمق الدولة هيكلي في الجزائر. وإعادة نزار أو توفيق لن يغير هذه الصورة.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 25/12/2020 على الساعة 17:00