وأخيرا اتفقت الرباط وتل أبيب على إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بينهما. جاء هذا الإعلان على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عقب توقيعه "إعلانا يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء"، وأكده بيان صادر عن الديوان الملكي.
بين المغرب وإسرائيل، هناك تاريخ طويل يبرر بوضوح هذا التقارب الذي أصبح رسميا. ألا يعتبر الملك محمد الخامس "عادلا بين الأمم" لمقاومته للقوانين العنصرية لنظام فيشي، وبالتالي إنقاذ يهود المغرب من براثن النازيين والمحرقة؟
ألم يلعب الملك الراحل الحسن الثاني دور الوسيط المهم في عملية السلام في الشرق الأوسط مع العديد من الرؤساء الأمريكيين ورؤساء الحكومات الإسرائيلية والقادة الفلسطينيين؟ ألم يكن في المقدمة خلال اتفاق السلام الذي أبرم في كامب ديفيد سنة 1978 بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، بوساطة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر؟
إن الاحترام الذي تكنه إسرائيل للملك الراحل لا يمكن تجاهله إلى درجة أن هناك طوابع بريدية تحمل صورته وكذلك محجات وساحات تحمل اسمه في جميع أنحاء البلاد.
كما أن المغرب لم يقطع علاقاته مع جاليته اليهودية. ويكرس دستور 2011 في تصديره ثراء وتنوع المكونات الروحية والثقافية (بما في ذلك الرافد العبري) التي تشكل هوية المغاربة.
الإسرائيليون من أصل مغربي، من جانبهم، مرتبطون أشد الارتباط ببلدهم ولا يخفون ذلك: فحجهم المنتظم، الذي يقام على مر السنين، إلى عدة مناطق في المغرب، يؤشر على الأمن الذي يشعرون به في المغرب. بعضهم يشغل مناصب رفيعة في الإدارة الإسرائيلية: ما لا يقل عن 10 وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو التي تم تنصيبها في ماي الماضي، من أصل مغربي.
في سياق جيوسياسي حيث تسعى الدولة العبرية إلى تحسين علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية، ليس من الغريب أن تسير المملكة في هذا الصدد، كما فعلت عدة دول أخرى. وهذا لا يدعو بأي حال من الأحوال إلى التشكيك في التزام المغرب بالدفاع عن القضية الفلسطينية العزيزة على كل المغاربة.
في البيان الصحفي الصادر عن الديوان الملكي للإعلان عن هذا القرار التاريخي، حرص الملك على التأكيد على "المواقف الثابتة والمتوازنة للمملكة المغربية من القضية الفلسطينية، مؤكدا أن المغرب يدعم حلا قائما على دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام".
وأكد الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، على "ضرورة الحفاظ على الوضع الخاص للقدس، وعلى احترام حرية ممارسة الشعائر الدينية لأتباع الديانات السماوية الثلاث". وهذا الموقف يضع النقط على الحروف.