أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية سيدي ولد سالم، في ختام اجتماع مجلس الوزراء المنعقد أمس الأربعاء 11 نونبر في نواكشوط برئاسة محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس الدولة، أن الدبلوماسية الموريتانية تعمل حاليا من أجل "إيجاد حل بأسرع وقت ممكن للأزمة المستعرة عند معبر الكركرات".
وأوضح الوزير أن "أزمة الكركرات تتعلق بمنطقة منزوعة السلاح تخضع لسيطرة الأمم المتحدة رغم أنها موضوع خلاف طويل الأمد". وأضاف قائلا: "لسنا طرفا في هذا الخلاف، لكننا معنيون بالدرجة الأولى، وكجيران للأطراف المختلفة، بهذه الأزمة" المستعرة على الحدود الشمالية لموريتانيا، والتي تعطل إمدادات أسواقها التي تعتمد إلى حد كبير على وارداتها من المغرب.
يأتي هذا الرد الرسمي الأول للحكومة الموريتانية منذ اندلاع أزمة الكركرات، بعرقلة حركة المرور التجارية هذه المنطقة من قبل البوليساريو وبلطجيتها، بعد عرض قدمه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتانيين في الخارج، اسماعيل ولد الشيخ أحمد، خلال انعقاد مجلس الوزراء أمس الأربعاء 11 نونبر.
وبحسب وكالة الأنباء الموريتانية، أجرى رئيس الدبلوماسية الموريتانية، خلال نهار الأربعاء، مكالمة هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس. وركزت "المكالمة على الوضعية في المنطقة العازلة" المتاخمة لمعبر الكركرات، وهي الوضعية التي وصفها الطرفان بأنها خطيرة ومقلقة ويمكن أن تنفجر في أي وقت.
وبينما أكد رئيس الدبلوماسية الموريتانية "للأمين العام للأمم المتحدة أن نواكشوط تقوم بمساعيها الحميدة منذ أيام وبصورة مكثفة" لحل الأزمة، حث أنطونيو غوتيريس على التحرك بسرعة لحلحلة الوضع، "في أقرب وقت ممكن نظرا للدور الرائد للأمم المتحدة" في هذا المجال.
وقال غوتيريس إنه بدأ أيضا اتصالات "منذ يومين وأعرب عن قلقه من خطورة الوضع على الأرض"، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الموريتانية، التي خلصت إلى أن "الجانبين اتفقا على مواصلة الاتصالات وتبادل المعلومات "حول تطور الوضع في الكركرات.
إن المشاورات التي تقودها الأمم المتحدة والدبلوماسية الموريتانية تعني الكثير من الأشياء.
أولا، المساعي التي يقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة "منذ يومين" لا يمكن أن تتم إلا مع السلطات الجزائرية. لأن الجزائر، من ناحية، هي صاحب المصلحة الرئيسي في الصراع الذي نشأ حول الصحراء، كما ورد في التقرير الأخير عن الصحراء الذي قدمه غوتيريس. من ناحية أخرى، فإن المناورات الحالية لجبهة البوليساريو ليست سوى ازدراء وتحدي لقرارات الأمم المتحدة، فغوتيريس ملزم بدوره بتجاهل قادة الحركة الانفصالية.
في الواقع، من خلال عرقلة حركة المرور بمعبر الكركرات، تحدت البوليساريو الأوامر المستمرة للأمين العام للأمم المتحدة وانتهكت قرارات مجلس الأمن وحطت من سلطة بعثة المينورسو، المسؤولة عن مراقبة وتطبيق اتفاقيات وقف إطلاق النار لعام 1991.
ثانيا، الدبلوماسية الموريتانية تمتلك ورقة رابحة للضغط على الجزائر حتى تعطي الأخيرة الأمر للبوليساريو بالانسحاب من معبر الكركرات و"بأسرع وقت ممكن"، كما يؤكد ذلك الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية.
وهذه الورقة الرابحة ليست سوى اعتراف موريتانيا بجبهة البوليساريو. ومع ذلك، فإنه بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية الناتجة عن تصرفات البوليساريو، التي أضرت بشكل خطير بالمصالح الحيوية لموريتانيا، فإنه يكفي التلويح بسحب اعترافها بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" الوهمية لكي تجد الجزائر بسرعة في وضعية حرجة. لأن سحب موريتانيا لاعترافها بالبوليساريو سيكون له حتما تأثير كرة الثلج داخل الاتحاد الأفريقي، ويمكن أن يعجل بطرد هذا الكيان الوهمي من هذا الاتحاد القاري.