بدلا من الامتثال لأوامر مجلس الأمن، الذي عبر قراره الأخير، مثل القرارات التي سبقته في السنوات الأخيرة، بوضوح عن موقف المجتمع الدولي من الصراع المصطنع في الصحراء، اختارت الجزائر والبوليساريو طريق العزلة. وبطبيعة الحال، فإن وكالة الأنباء الجزائرية، الوسيلة الدعائية الرسمية للنظام الجزائري، والمتخصصة في تحويل النكسات القاسية المتوالية إلى نصر، حتى ولو كان الثمن هو اختلاف الأخبار الكاذبة ونشرها، هي التي تكلفت مرة أخرى بالأمر.
فقد نشرت وكالة الأنباء الجزائرية، بتاريخ الأربعاء 4 نونبر 2020، قصاصة تؤكد فيها أن "ممثل جبهة البوليساريو لدى الأمم المتحدة، سيدي محمد عمار، نوه يوم الأربعاء، بـ"الدور النشط الذي لطالما لعبته الجزائر للوصول إلى تسوية سلمية للنزاع في الصحراء بما يتماشى والشرعية الدولية".
في هذه الخرجة الإعلامية، لا تتردد وكالة الأنباء الجزائرية في الاستمرار في خداع مشتركيها الذين يعدون على رؤوس الأصابع من خلال إسناد صفة مزورة للمدعو سيدي عمار، في حين أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أكد أن هذا الشخص ليس إلا "ممثل للبوليساريو في نيويورك" وليس لدى الأمم المتحدة. وهي طريقة دبلوماسية للقول إن هذا الانفصالي يعمل تحت مظلة السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة، الذي يوقع رسائله الموجهة إلى سكرتارية الأمم المتحدة.
ومن أجل محو سلسلة الانتكاسات والإخفاقات التي تلقتها الدبلوماسية الجزائرية في قضية الصحراء، على التوالي على مستوى الأمانة العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ثم أمام اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، كان من الضروري اللجوء إلى ما يسمى بـ"قيادي" بجبهة البوليساريو، يحمل صفة مزورة، لتمجيد الجزائر وشكرها على مجهوداتها.
وفضلا عن ذلك، فإن هذه التهاني المتبادلة هي إشارة واضحة على عزلة الجزائر وميليشياتها. فبعد فشلهما في فرض أطروحتهما المعادية للوحدة الترابية المملكة، كثفت الجزائر والجبهة الانفصالية من تصريحات التهاني والدعم المتبادل بينهما.
وتكفي الإشارة هناك فقط إلى حالتين لهذا الجنون الدعائي، إذ قام زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، ببعث رسالتين، فقط خلال شهر أكتوبر الماضي، مليئتين بالشكر والامتنان للجزائر. وهذا، في الوقت الذي أعرب فيه، في نفس الرسالتين الموجهتين للأمم المتحدة، عن خيبة أمله، في المرة الأولى بشأن تقرير أنطونيو غوتيريش حول الصحراء، في 2 أكتوبر 2020، وفي المرة الثانية للتنديد بقرار مجلس الأمن رقم 2548 الصادر في 30 أكتوبر.
وبدورها حركت الجزائر جمعيات جزائرية مغمورة لإصدار بلاغات دعم للانفصاليين. كل بلاغ صادر عن هذه "المنظمات غير الحكومية" النائمة كان موضوع قصاصات مطولة بوكالة الأنباء الجزائرية. حتى حزب التجمع الوطني الديمقراطي "حيى الناشطين الصحراويين" في بيان صحفي "حصلت وكالة الأنباء الجزائرية على نسخة منه". البيان الصادر عن هذا الحزب، الذي قاده منذ ما يقرب من عقدين من الزمن رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى المتواجد حاليا في السجن، هو إجراء يأمل أن يحظى مرة أخرى برضى الماسكين بزمام السلطة في الجزائر.
إن الحماسة الزائدة التي تظهرها علامات الدعم المتبادل بين الجزائر والبوليساريو، مثيرة للشفقة، وتكشف بوضوح قبل كل شيء عن انتكاسات دبلوماسية متتالية للنظام الجزائري.