ففي بيان صدر يوم السبت 31 أكتوبر، ردت وزارة الخارجية الجزائرية على القرار 2548 بشأن الصحراء، الذي اتخذه مجلس الأمن قبل 24 ساعة. وأشارت الوزارة التي يقودها صبري بوقادوم إلى أن "الجزائر أخذت علما بالقرار 2548 الذي يمدد ولاية بعثة المينورسو 12 شهرا".
مع ذلك، فإنه من خلال اختيار لغة دبلوماسية للتعليق على القرار الأممي الذي صوت عليه 13 عضوا من أصل 15 في مجلس الأمن، تعبر الجزائر بكل وضوح عن خيبة أملها من محتوى النص الذي يتعارض كليا مع توقعاتها. بل إن هذا النص يعبر عن الرأي السائد لدى المجتمع الدولي ممثلا في الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة، الذي أكد مرة أخرى من خلال قراره أن البراغماتية والواقعية والتاريخ هي التي تميز الآن قراراته بشأن الصحراء المغربية.
وأكدت وزارة الخارجية الجزائرية، في تعليقها على قرار الأمم المتحدة، أن هذا القرار لا يختلف بأي حال عن قرار 2019. ويبدو أنها تستنكر "القرار الذي يستعمل عبارات مماثلة تقريبا لتلك التي جاءت في نص القرار 2494 (2019)". لكن ما يبدو أن النظام الجزائري يعتبره تكرارا هو في الواقع استمرارية وثبات في مقاربة المجتمع الدولي لنزاع الصحراء، والذي تخلى نهائيا عن خيار الاستفتاء، والذي لم تعد تنطلي عليه حقيقة أن جبهة البوليساريو ليست سوى أداة تحركها أصابع الجزائر.
وفي الوقت الذي ذكرت فيه الجزائر عدة مرات في القرار 2548 على أنها "طرفي رئيسي" مباشر في نزاع الصحراء، يحاول البيان الصحفي الصادر عن وزير الخارجية الجزائري تقديم بلاده فقط كـ"مراقب رسمي لعملية السلام".
وفضلا عن ذلك، فإن هذه الصفة (طرف رئيسي في نزاع الصحراء) الرئيسية هي ما يميز، بحسب ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، القرار الجديد للأمم المتحدة. فهذا القرار يوجه "رسالة الوضوح، أولا في تعريف الأطراف الحقيقية في هذا النزاع الإقليمي، من خلال الإشارة صراحة إلى دور الجزائر، التي ذكرت ما لا يقل عن 5 مرات، في حين أن هذا البلد لم يكن على الإطلاق يذكر في القرارات السابقة لعام 2017"، بحسب ما أكده ناصر بوريطة، ليلة السبت 31 أكتوبر 2020، في بيان صحفي، ردا على تبني قرار مجلس الأمن رقم 2548.
بالنسبة لناصر بوريطة، فإن "مجلس الأمن يدعو الجزائر للقيام بدور يتناسب مع تدخلها السياسي والدبلوماسي والعسكري والإنساني في هذا النزاع الإقليمي"، لأنه "لا يمكن تصور أي عملية سياسية بدون المشاركة الفعالة والبناءة" للجزائر.
من هنا نفهم سبب "أسف" الجزائر لمحتوى القرار 2548. ونقرأ في بيان وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية أن الجزائر "تسجل بأسف أن القرار 2548 (2020)، مثل القرار 2494 (2019)، لا يوصي بأي إجراء ملموس لإعادة إطلاق العملية السياسية والتنفيذ الكامل ودون عوائق لولاية بعثة المينورسو".
ووجد البيان الجزائري، الذي يأتي ردا على قرار مجلس الأمن رقم 2548، عزاءه الوحيد في امتناع روسيا وجنوب إفريقيا عن التصويت، وهو الامتناع الذي رحب به بحماسة زائدة. غير أن هذا الترحيب لا يخفي فشل النظام الجزائري، الذي يرى، وهو مغلوب على أمره، أن المجتمع الدولي يحدد الطرفين الأساسيين في نزاع الصحراء.