الشخص الذي يقدم نفسه على أساس أنه رئيس يتحدث "باسم الجزائر الجديدة" حاول الحديث في كل شيء على الرغم من الوقت القصير المحدد له، بأسلوب خطابي غير متناسق، مستعملا لغة الخشب التي تنتمي بكل تأكيد إلى عصر آخر.
ففي خطاب بدون منهج، وبدون مضمون، لم يتردد، على سبيل المثال، في التأكيد على أن "الدبلوماسية الجزائرية كانت حاسمة في حل العديد من الأزمات الشائكة والصراعات الإقليمية والدولية". وفي هذا الصدد، تجاهل الرئيس الجزائري تهميش الجزائر في الصراع الليبي والأزمة المالية، وهما دولتان تشتركان معهما في حدود برية بطول عدة مئات من الكيلومترات.
المرة الوحيدة التي نسي لغة الخشب في خطابه وأزال القناع كانت عندما أشار إلى نزاع الصحراء. لكنه سار في اتجاه معاكس لجهود المجتمع الدولي، بهدف غير مجد وهو إعادة هذا الملف سنوات إلى الوراء.
"فيما يتعلق بمسألة الصحراء الغربية، فإننا نأسف للعقبات التي تعرقل تسويتها، ولا سيما وقف المفاوضات بين طرفي النزاع والمماطلة في تعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة للصحراء الغربية. وفي هذا الصدد، تدعو الجزائر إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية، المؤجل لأكثر من 29 عاما، وتعيين مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في أقرب وقت ممكن، واستئناف عملية التفاوض بين طرفي النزاع وتحقيق تطلعات شعوب المغرب العربي وأفريقيا في التنمية والاندماج"، هذا ما أكده تبون في خطابه مساء أمس الأربعاء.
هذا الموقف الذي عبر عنه تبون أكد أكثر من مرة، في لقاءات تلفزيونية، أنه ليس لديه مشكلة مع "المغرب الشقيق"، له على الأقل ميزة أنه يفتح أعين أولئك الذين آمنوا بوهم اليد الممدودة إلى المغرب من قبل الرئيس الذي يسعى، بحماسة المنفذ، إلى الاستمرار في سياسة تقويض الوحدة الترابية المغرب التي انخرط فيها النظام الجزائري المتحجر منذ سنوات. في الواقع، لا يمد تبون يده الوهمية إلى المغرب في العلن، ولكن يده الحقيقية تتآمر، أحيانا من وراء حجاب، وأحيانا في العلن، ضد مصالح المملكة.
لماذا إذن يطلب بإجراء استفتاء مرة أخرى عندما نعلم بأن مجلس الأمن أقبر هذا الخيار بالفعل منذ عدة سنوات، عندما استنتج بيتر فان فالسوم، المبعوث الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة، بوضوح أن هذا الخيار غير عملي؟ وبما أن تبون يدعو إلى "تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة"، فلماذا لم يأخذ في الاعتبار قرار الأمم المتحدة الأخير في هذا الشأن، وهو القرار 2494 الصادر يوم 30 أكتوبر 2019؟
يبدو أن تبون، الذي يؤكد مثل غيره من قادة النظام أن الجزائر ليست طرفا في الصراع في الصحراء، فقد أعصابه بسبب عدم الاهتمام الذي يوليه المجتمع الدولي لهذا الملف. لقد تعرض للوصم بشكل خاص بسبب عدم تعيين خليفة لهورست كوهلر. ومن تم فإن اجتماع مجلس الأمن في أكتوبر المقبل سيعقد في غياب مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء.
في الواقع فإن للمجتمع الدولي أولويات أخرى. وعلى الرغم من المناورات الجزائرية-الانفصالية، فمن المرجح أن يتم تمديد ولاية المينورسو لمدة 12 شهرا. أنطونيو غوتيريس، الذي يستعد لسنة الانتخابات التي سيخوض فيها حملته من أجل إعادة انتخابه على رأس هذه المنظمة الأممية، يعرف جيدا القضايا التي تحظى باهتمام المجتمع الدولي.