نظم الرئيس الجزائري، الأحد 20 شتنبر، لقاءً جديدا مع صحافة بلاده، لم يكن مخططا له مسبقا. إن هذه الخرجة الإعلامية في اللحظة الأخيرة، والتي تم الإعلان عنها في بيان صحفي من الرئاسة الجزائرية قبل ساعات فقط من عقد اللقاء، كان لها هدف محدد: منع الجزائريين من متابعة فيلم وثائقي عن حراك الشعب الجزائري احتجاجا على النظام، بثته في نفس الوقت قناة M6 الفرنسية، في برنامجها المثير "تحقيق حصري"، وهو البرنامج الذي قد يتسبب في توتر العلاقات الجزائرية-الفرنسية.
أما بالنسبة للعلاقات المغربية-الجزائرية، فإن عبد المجيد تبون، الذي يتظاهر دائما بأنه يدعم تطويرها، إلا أنه في الواقع يُبقي أبواب تطبيع العلاقات بين البلدين موصدة.
فردا على سؤال أحد الصحفيين الجزائريين اللذين أجريا مقابلة معه حول مسألة ما إذا كانت العلاقات المغربية-الجزائرية قد تحسنت اليوم، في ظل "الهدنة الحالية" التي تميزت بـ"انخفاض التوتر في الخطاب والتصريحات السياسية "، أجاب عبد المجيد تبون أنه كان دائما "واضحا" بشأن هذا الملف.
وهكذا رد تبون، بكل ألفة، على محمد بغالي، رئيس تحرير جريدة "الخبر"، الذي وجهه له السؤال: "كما تعلمون محمد وكما قلت في مناسبات عديدة ليس لدينا مشكلة مع المغرب. المغرب بلد شقيق. الشعب الجزائري يحب الشعب المغربي. الشعب المغربي يحب الشعب الجزائري. إذا كانت لديهم مشاكل معنا، فلا مشكلة لدينا معهم. في حالة وجود هذه المشاكل، فليأخذوا زمام المبادرة".
الرئيس الجزائري يكرر نفس الأسطوانة في كل مرة دون أن يقنع أي أحد. خطابه الإنشائي حول الأخوة بين الشعوب وإنكاره وجود أي مشكلة للجزائر مع المغرب، بينما الجزائر تسعى جاهدة لمعاكسة مصالح المملكة كل يوم، هو يناقض الواقع ويمتح من إيديولوجية عفا عنها الزمن.
والدليل على ذلك أنه عاد عبد المجيد تبون بسرعة إلى توتره المعتاد واستفزازه، محاولا إقناع مستمعيه، مرة أخرى، بأن الجزائر ليست هي التي اختلقت مشكلة الصحراء. فبحسب زعمه، فإن الأمم المتحدة هي المسؤولة عن "مشكلة إنهاء الاستعمار" (وهي كلمة رددها في إجابته ثلاث مرات في أقل من دقيقة).
على الرغم من أن عبد المجيد تبون يقول الشيء ونقيضه، إلا أنه حاول الإيهام بأن يد الجزائر ممدودة إلى المغرب. هل الجزائر مستعدة حقا لإقامة "علاقات أخوية ثنائية"، على حد تعبيره، مع المغرب، مع ترك قضية الصحراء جانبا، وهي القضية التي تعمل الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل سياسي لها؟
على أي حال، أشار تبون إلى تبادل الزيارات بين الملك الراحل الحسن الثاني والشاذلي بن جديد، الرئيس الجزائري الأسبق، الذي أعطى دفعة قوية جديدة في العلاقات بين البلدين بين عامي 1989 و1994.
لكن إذا كان صادقا حقا بشأن تكرار هذه التجربة القصيرة، التي كانت، في وقتها، واعدة، فلماذا إذاً لم يرد الرئيس الجزائري الجديد حتى الآن على اليد الممدودة للجزائر من طرف المغرب، وهو الأمر الذي تكرر مرات عديدة في خطابات الملك محمد السادس نفسه؟
لأن الرئيس تبون يعرف بالفعل أن طريق الجحيم معبدة بالنوايا الحسنة. فمن الأفضل أن يتحلى الرئيس الجزائري، الذي ينتمي إلى حقبة الحرب الباردة، حيث أن التصريحات المعسولة لا تتعارض مع الأفعال الكيدية، (يتحلى) بالشجاعة ويكف عن إطلاق التصريحات بشأن العلاقات بين الجزائر والمملكة المغربية. لأن الجميع يعلم أنه ليست لديه الحرية المطلقة للتقدم بشجاعة في هذا المجال.