بعد الشكايات العديدة التي قدمت للعدالة الإسبانية بشأن خروقات جسيمة لحقوق الإنسان ضد عدد من قادة البوليساريو الانفصالية، تواصل الغرفة الجنائية بالمحكمة الوطنية الإسبانية، المختصة في الجرائم الخطيرة (الإرهاب والتعذيب والإبادة...) تحقيقاتها في هذا الملف.
وهكذا، فقد مددت العدالة الإسبانية إلى غاية غشت 2021 التحقيقات في هذه الاتهامات الموجهة إلى شخصيات معروفة الذين ذكرت أسماؤهم في الشكايات السالفة الذكر.
وضمن لائحة 29 مجرم متهمين بارتكاب خروقات فظيعة لحقوق الإنسان في مخيمات لحمادة، يوجد اسم إبراهيم غالي نفسه، زعيم الطغمة الانفصالية والعديد من القادة الآخرين مثل البشير مصطفى السيد وجندود محمد وسيد أحمد بطل.
تمديد التحقيقات الذي طالبت به النيابة العامة الإسبانية، التي اعتبرت أن الوقائع المنسوبة لقادة البوليساريو تشكل جرائم "يعاقب عليها" وتتطلب تحقيقا بالخارج. وهي طريقة لبقة للقول بأن العقبة التي تحول أمام التقدم في التحقيقات هو صعوبة الاستماع إلى المتهمين أنفسهم الذي يستفيدون من حماية السلطات الجزائرية.
وتجدر الإشارة إلى أن عمل المحكمة الوطنية التي تنظر في هذا الملف، والتي من المفترض أن ينتهي في غشت 2020 بعد التمديد الأول، توقف لعدة شهور بسبب أزمة وباء كوفيد-19 الذي ضرب إسبانيا بشدة وقطع تواصلها مع الخارج.
هذه التحقيقات بدأتها العدالة الإسبانية لأول مرة يوم 17 دجنبر 2007 بعد توصلها بشكاية من "الإبادة والتعذيب والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي وخروقات جسيمة لحقوق الإنسان"، تم وضعها من قبل العديد من ضحايا هذه الممارسات الحاطة بالكرامة البشرية ضد قادة البوليساريو وكذا مسؤولين في الجيش الجزائري.
من جانبها وضعت الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان في سنة 2017 شكاية مماثلة لدى المحاكم الإسبانية التي قررت متابعة زعيم البوليساريو إبراهيم غالي وزبانيته.
الجرائم التي يتابع بها قادة البوليساريو تم تأكيدها مؤخرا من قبل أحد أبرز المتهمين في الملف.
وهكذا، ففي شهر أكتوبر الماضي، اعترف البشير مصطفى السيد، المستشار الحالي لإبراهيم غالي وشقيق أول زعيم للبوليساريو (الوالي مصطفى السيد) صراحة أنه ارتكب العديد من الاغتيالات وجزائم التعذيب بحق عدد من السجناء الصحراويين خلال سنوات الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، عندما كان رئيس "الأجهزة السرية" للبوليساريو خلال فترة رئاسة محمد عبد العزيز المراكشي.
البشير مصطفى السيد أكد خلال تسجيل صوتي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي أن "جرائم وتجاوزات خطيرة ارتكبت ضد صحراويين وقادة سابقين بالبوليساريو وأن المسؤولين المتورطين في هذه الجرائم يحسون بالندم اليوم ويطالبون بفتح صفحة جديدة ونسيان الماضي".
هل الأمر يتعلق باعتراف بالخطأ أم بأدلة دامغة؟ على كل حال هذا التسجيل "يورط" أكثر قادة البوليساريو الذين لا يتجرؤون اليوم على السفر إلى أوروبا.