ولد عبد الرحمن اليوسفي في 8 مارس 1924، بمدينة طنجة ومنذ شبابه عبر عن مواقف نضالية رافضة للاستعمار.
يحكي اليوسفي في مذكراته "أحاديث في ما جرى" عن رحلته من طنجة إلى مراكش من أجل متابعة دراسته الثانوية، قائلا: "كان علي اجتياز العديد من العراقيل الإدارية، كالحصول على جواز سفر وطلب التأشيرة من القنصلية العامة الإسبانية في طنجة، حتى يتسنى لي مغادرة طنجة ثم عبور المنطقة الشمالية الخاضعة للنفوذ الإسباني. ثم الحصول على تأشيرة ثانية من القنصلية العامة الفرنسية... وفي يوم السفر، كان علي أن أقف على الأقل أمام أربعة شبابيك في نقاط المراقبة، لختم جواز سفري من طرف السلطات الأمنية، وأن أفتح حقائبي أربع مرات أخرى للتفتيش من طرف المراقبة الجمركية".
ويسرد مضيفا: "رغم صغر سني، كان ينتابني شعور بالإهانة وأنا أخضع للمراقبة والتفتيش بصفة متكررة، من طرف أجانب وبطريقة سلطوية، مما دفعني لطرح العديد من الأسئلة على نفسي، حول المضايقات التي كانت تواجهني، فقط من أجل التنقل لغرض إتمام دراستي الثانوية في بلدي ووطني المغرب".
انخرط في العمل السياسي والنضالي عام 1943 وعمره لا يتجاوز عندئذ 19 ربيعا، فانتمى لحزب الاستقلال بالرباط حيث تابع دراسته في ثانوية مولاي يوسف وأسس خلية نضالية.
طارده الاستعمار وبقي فارا من الاعتقال بين مدينتي أسفي ومراكش إلى أن استقر في الدار البيضاء وعمل سرا في صفوف المقاومة وتنظيم الطبقة العمالية. ومع نفي الملك الراحل محمد الخامس إلى مدغشقر عام 1953، اهتم اليوسفي بتنظيم المقاومة وجيش التحرير إلى عام 1956، عام حصول المغرب على الاستقلال.
أسس مع المهدي بن بركة ومحمد بصري ومحجوب بن صديق وعبد الرحيم بوعبيد وعبد الله إبراهيم: الاتحاد الوطني للقوات الشعبية المنشق عن حزب الاستقلال عام 1959، وبات عضوا في الأمانة العامة للحزب الجديد من عام 1959 إلى 1967.
بينما في مساره الدراسي، حصل على الإجازة في القانون، وعلى دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية، ودبلوم المعهد الدولي لحقوق الإنسان. عمل الرجل محاميا لدى محاكم طنجة من عام 1952 إلى 1960، واختير نقيبا للمحامين في طنجة عام 1959.
تولى مهام الكاتب العام المساعد لاتحاد المحامين العرب من 1969 إلى 1990، وتحمل مسؤولية رئاسة تحرير جريدة "التحرير" الصادرة عن حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية آنداك.
انتخب كاتبا عاما للحزب بعد وفاة عبد الرحيم بوعبيد في 8 يناير 1992. لكن اليوسفي أعلن اعتزاله العمل السياسي وقدم استقالته من حزبه في رسالة إلى مكتبه السياسي يوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2003.
جنح اليوسفي إلى الصمت قبل أن يكسره سنة 2018 بإصدار مذكراته التي عنونها بـ"أحاديث في ما جرى"، حول مساره النضالي والكفاحي منذ معركة الاستقلال إلى مسارات المطالبة بالديمقراطية وبناء دولة الحق والقانون، ومن كرسي المعارضة إلى سدة الحكم.