الأخبار التي نشرت من قبل الصحيفة الأمريكية "Axios" الأمريكية تثير الدهشة. "إسرائيل تدفع ترامب لدعم المغرب بشأن الصحراء الغربية"، هكذا عنون الموقع الإخباري الأمريكي مقاله، في إشارة إلى "الاتفاق" الإسرائيلي الأمريكي: "ستسمح للولايات المتحدة بالاعتراف بالسيادة المغربية في الصحراء الغربية" مقابل تطبيع المغرب لعلاقاته مع إسرائيل!
ويبدو أن هذا الموقع الإخباري الأمريكي لا يعتقد أنه أخطأ من خلال الادعاء بأن دعم المغرب التاريخي للقضية الفلسطينية يمكن أن يكون موضوعا لـ"المساومة"، من أي نوع كانت. إنه يظهر نوعا من السذاجة المقلقة عندما يدعي بأن المغرب يمكنه "تطبيع" علاقاته مع إسرائيل، على حساب الشعب الفلسطيني الشقيق، من خلال اعتراف واشنطن بسيادة المملكة على صحرائها.
"المملكة المغربية تقدر جهود السلام البناءة المبذولة من طرف الإدارة الأمريكية الحالية، من أجل التوصل إلى حل عادل ودائم ومنصف بالشرق الأوسط"، هذا ما عبر عنه المغرب من خلال تصريح لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، في رد فعله على "خطة السلام" التي تقدم بها الرئيس الأمريكي ترامب من أجل حل الصراع في الشرق الأوسط.
من الواضح أن الدعم المغربي "لجهود السلام البناءة المبذولة من طرف الإدارة الأمريكية الحالية" ليس شيكا على بياض، بل هو مرتبط بالضمانات التي تقدمها هذه الإدارة الأمريكية نفسها لتحقيق "حل عادل ودائم ومنصف" للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ومن تم فإن أية فرضية يتم الترويج لها خارج الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني الشقيق في بناء دولته المستقلة فهو أمر غير مقبول البتة.
وينبغ موقف الولايات المتحدة بشأن نزاع الصحراء من قناعة مشتركة بضرورة إيجاد حل سياسي واقعي لهذا النزاع الذي عمر لأكثر من أربعين سنة، بدلا من الوضع الراهن القاتل الذي تفرضه الجزائر وجبهة البوليساريو الانفصالية، على حساب استقرار المنطقة التي تضررت بالفعل من الفوضى السائدة في ليبيا وانتشار الجماعات الجهادية من جميع المشارب في هذه المنطقة التي أصبحت قابلة للانفجار في أية لحظة.
"الوضع الأمني في المنطقة يفرض إيجاد حل عاجل لهذا النزاع"، هذا كتبته في شهر غشت 2019 الصحيفة الأمريكية "The Wall Street Journal"، مشيرة إلى رفض واشنطن القاطع لـ "خيار الاستقلال" الذي تدعو إليه الجزائر والبوليساريو. وحذرت الصحيفة الأمريكية المرموقة أن "خطر أي محاولة لعرقلة عملية الأمم المتحدة يهدد بالتسبب في السخط وعدم الاستقرار في واحدة من أكثر المناطق استقرارا، بالنظر للعديد من بؤر التوتر وعدم الاستقرار في العالم اليوم".
ولم تخف واشنطن أبدا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، التي كانت أساس مباحثات مانهاست في أبريل 2007. وفضلا على ذلك، فإن هذا الموقف تدعمه قرارات مجلس الأمن التي شددت دائما على الطابع "الجاد" و "الموثوق" للجهود التي تبذلها المملكة لإيجاد حل سياسي للصراع المفتعل في الصحراء المغربية.
لذلك لن يكون مفاجأة إذا تمت ترجمة هذا الموقف إلى اعتراف فعلي بمغربية الصحراء، ليس فقط من جانب واشنطن، بل من قِبل المجتمع الدولي الذي نفذ صبره من تحجر مواقف الجزائر وجبهة البوليساريو وتمسكهما الدوغمائي بـ"خيار الاستقلال" المتقادم وغير القابل للتطبيق على أرض الواقع.