هل يمكن للمغرب أن يتنفس الصعداء بعد إقالة أحد "صقور" البيت الأبيض، جون بولتون، مستشار الرئيس ترامب في شؤون الأمن القومي؟ هل رحيل بولتون سيعني نهاية الضغط الذي كان يمارسه هذا الأخير على "الأطراف" وبشكل خاص على المغرب منذ تعيينه في مارس 2018 في المنصب الاستراتيجي والحساس، من خلال تقليص مدة ولاية بعثة المينورسو إلى ستة أشهر فقط عوض سنة؟
الكل يعتقد أن النقاش الذي أثير بخصوص "جدوى"، أو بالأحرى وجود المينورسو يحمل في الواقع توقيع الذارع الأيمن السابق لجيمس بيكر الذي كان من أشرس المدافعين عن مبدأ تنظيم "استفتاء تقرير المصير"، وهو المبدأ الذي مازالت الجزائر والبوليساريو يتمسكان به بالرغم من الاعتراف بعدم قابلية هذا المبدأ للتطبيق على أرض الواقع من قبل الأمم المتحدة وحتى من قبل مجلس الأمن الذي أقبر نهائيا هذا الخيار في قراراته الأخيرة.
إن استقالة هورست كوهلر غير المتوقعة يوم 23 ماي الماضي من منصب المبعوث الشخصي للأمين العام المتحدة إلى الصحراء، قد تعود ربما إلى اندفاع وتسرع جون بولتون الذي لم يكن يخفي "إحباطه" من طول النزاع المفتعل حول الصحراء، والذي يعتبر أن حله لن يكون إلا بتنظيم "استفتاء تقرير المصير"!
وبالتالي فليس غريبا أن يكون موقف جون بولتون متوافقا مع موقف الجزائر والبوليساريو، اللذين استبشرا بعد وصول "صديقهما" القديم في شهر مارس 2018 إلى منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي للرئيس دونالد ترامب.
وسبق لـLe360 أن نشر مقالا يوم تاسع ماي الماضي يبرز فيه من خلال معلومات كشف عنها رئيس المنتدى الصحراوي-الكناري، ميغيل أورتيز، يؤكد فيها أن الجزائر تقدم شهريا مبلغ 26.000 أورو (286.000 درهم) لشركة استشارة أمريكية (Keene Consulting) الذي يديرها دافيد كين المقرب من جون بولتون.
فقد كان دافيد كين، الذي كان كان رئيسا سابقا للجمعية الوطنية للبنادق، وهو لوبي قوي في أمريكا، قد عين في السابق جون بولتون لتحمل مسؤولية تدبير الشؤون الدولية. هي علاقات مصالح متبادلة يضعانها معا في خدمة البوليساريو والجزائر التي تبرع في "ديبلوماسية الحقائب"!
ويكفي هنا تفصح المقالات التي نشرها دافيد كين في ركن "رأي" بواشنطن تايمز التي كان مسؤولا عنها، للتحقق من تحيزه الفاضح لأطروحات الانفصاليين. ففي شهر أكتوبر 2013، نشر نداء من أجل "تقرير مصير الصحراء الغربية". وعقب وفاة زعيم البوليساريو السابق، محمد عبد العزيز، نشر في شهر ماي 2015 مقالا في نفس الصحيفة يشيد فيه بهذا الأخير.
ويمكن أن نسرد أكثر الحالات التي تبرز تواطؤ هذين الشخصيتين، ولكن سنكتفي بالقول بأن رحيل جون بولتون سيجعل بكل تأكيد الضغط يخف عن المغرب بشكل خاص. إن الإرهاصات الأولى لهذا التغير تم التعبير عنها مؤخرا من قبل الصحيفة المرموقة "وول ستريت جورنال" عندما أكدت الرفض المطلق لإدارة ترامب لخيار "الانفصال" الذي تدعو له الجزائر والبوليساريو.