الصحراء: لا مكان لدولة جديدة في إفريقيا بحسب الأمريكيين والإسبان

محمد ولد الشيخ الغزواني الرئيس الجديد لجمهورية موريتانيا

محمد ولد الشيخ الغزواني الرئيس الجديد لجمهورية موريتانيا . DR

في 14/08/2019 على الساعة 14:21

عندما أكد الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، أن الدول الغربية لا تريد إنشاء دولة بين المغرب وموريتانيا، فإنه كان يعرف حقائق الأمور وخباياها. وعلى كل حال، فإن الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا أكدا الآن صحة ما قاله الرئيس السابق لموريتانيا.

هناك توجه جديد عبرت عنه بشكل أو بآخر دولتان غربيتان، وهو توجه يهدم بشكل نهائي الأساس "القانوني" الذي تستند عليه الجزائر لدعم انفصاليي البوليساريو، والذي يرغب في أن تظل قضية الصحراء مندرجة في خانة الأقاليم الخاضعة لمسلسل "إنهاء الاستعمار" المزعوم.

لا مكان لدولة جديدة في إفريقيا، بحسب واشنطن، كما أن مدريد، القوة الاستعمارية السابقة بالصحراء، دعت موريتانيا والمغرب إلى تأمين حدودها المشتركة عسكريا لمواجهة هجمات البوليساريو. وهذه نقطة تحول لا لبس فيها.

ففي شهر أبريل الماضي، عندما كان في الأشهر الأخيرة من فترة حكمه، كشف الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، الذي تشارك بلاده في محادثات الأمم المتحدة لحل النزاع حول الصحراء المغربية، للصحفي الفلسطيني عبد الباري عطوان حقيقة مفادها أن الجزائر والبوليساريو يضيعان الوقت طالما أن الدول الغربية لا ترغب بكل بساطة في إنشاء دولة بين المغرب وموريتانيا. وقد أكدت بعض الوقائع الأخيرة هذه الحقيقة التي عبر عنها الرئيس الموريتاني السابق.

فيوم فاتح غشت الجاري، أي يوم حفل تنصيب الرئيس الموريتاني الجديد، محمد ولد الشيخ الغزواني، بعثت المملكة الإسبانية وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوربي والتعاون، جوسيب بوريل، على رأس وفد هام لحضور هذا الحفل.

بعد حفل تسليم السلط بين الرئيسين الموريتانيين، استقبل الوزير الإسباني من قبل ولد الغزواني. وأكد له "الأهمية التي توليها إسبانيا للعلاقات مع موريتانيا، الدولة الصديقة والشريك الأساسي في منطقة المغرب الكبير الاستراتيجية والذي نقيم معه علاقات إنسانية وثقافية وتاريخية قوية، والذي يشكل نموذجا للاستقرار في المنطقة"، بحسب ما ورد في بلاغ وزارة الشؤون الخارجية الإسبانية.

وهكذا، ففضلا عن المصالح الاقتصادية (الصيد البحري بشكل خاص)، إسبانيا تتوفر بنواذيبو بشمال غرب موريتانيا على فريق أمني مهم من أجل اعتراض قوارب المهاجرين نحو جزر الكناري. ومكنت الدوريات البحرية المشتركة مع خفر السواحل الموريتانية، مدعومة بمهام استطلاع جوي، من إغلاق هذه الطريق إلى أوروبا.

وقد حيى جوسيب بوريل، الذي زار القوات الإسبانية المتواجدة بنواذيبو منذ قرابة عشر سنوات "التعاون المثالي بين الدولتين في مجال الهجرة والأمن".

وفي الحقيقة، فإن هذا الهاجس الأمني بالتحديد هو الذي دفع رئيس الديبلوماسية الإسبانية إلى دق ناقوس الخطر من المناورات التي تقوم بها البوليساريو بمعبر الكركرات، خاصة وأن الجزء الصغير من ساحل المحيط الأطلسي المشمول بالمنطقة العازلة يمكن أن يكون بمثابة نقطة انطلاق المهاجرين السريين أو تجار المخدرات أو الإرهابيين نحو أوروبا.

وقد زكى ديبلوماسي إسباني رفيع المستوى طرح الوزير الشؤون الخارجية. ويتعلق الأمر بأنخيل لوسادا، الممثل الخاص للاتحاد الأوربي لمنطقة الساحل، الذي استقبل هو الآخر بالقصر الرئاسي من قبل ولد الغزواني، والذي عبر له لهذا الأخير عن نفس المخاوف التي عبر عنها جوسيب بوريل وضرورة مواجهتها.

تجدر الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى المخاوف الأمنية، فإن المصالح الاقتصادية للاتحاد الأوروبي معرضة للخطر أيضا، لأن العديد من الشاحنات الإسبانية (المحملة بالأسماك) تغادر نواذيبو، والسلع القادمة من أوروبا تستخدم هذا الطريق البري بانتظام والرابط بين المغرب بموريتانيا. بالنسبة لإسبانيا، يتعلق الأمر بالحدود المغربية الموريتانية، حيث إنها تتطلب أن يتحمل هذان البلدان المتجاوران مسؤولياتهما من خلال تشكيل قوة مشتركة تتمثل مهمتها في تأمين مرور الشاحنات المحملة بالبضائع بين الاتحاد الأوروبي والمغرب والقارة الأفريقية.

ومن جانب آخر، وبناء على استطلاع حول الصحراء المغربية أنجزته الصحيفة الأمريكية وول ستريت جورنال والذي نشر يوم الأحد الماضي، فإن الإدارة الأمريكية ساندت دائما مغربية الصحراء.

فبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فإن خيار الانفصال كحل لنزاع الصحراء هو حل مستبعد، على الرغم من أن جون بولتون، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، "يضع ثقل البيت الأبيض وراء خطة مثيرة للجدل لحل نزاع الصحراء الغربية من خلال تشديد الخناق في الأمم المتحدة ومحاولة إجبار الأطراف المعنية على التوصل إلى اتفاق"، حسب صحيفة وول ستريت جورنال.

وختمت هذه الصحيفة بأن كبار المسؤولين الأميركيين كانوا دائما يؤكدون بأن "واشنطن لن تدعم خطة لإقامة دولة جديدة في أفريقيا".

تحرير من طرف محمد حمروش
في 14/08/2019 على الساعة 14:21